مدونة سما

“من ذاكرة المعارك” بقلم أسد المدرعات الدكتور محمد يوسف

اقتحم العدو الناحية الشرقية للمدرعات تعامل حامل الكلاش بالضرب المنفرد مع التنشين جاء أمر بالتراجع لأن الطيران سيضرب نظر إلى الصيد أمامه وتذكر أن الطيران يضرب بأمر الله فواصل الضرب منفرد مع التنشين حتى تبقت له خزنة واحدة حينها توقف وتراجع وقبل أن يمضي بعيدا وجد خزنة أخرى ممتلئة فأخذها وعاد لموقعه في مقدمة حوش المدفعية يضرب من جديد حتى نفدت الخزنة تبقت خزنة للطواري حينها انسحب بشارع الزلط الجنوبي متجه غربا

رآه بعض الجنود في أحد العمارات نادوه صعد إليهم وشون ذخيرته وعندما بدأ بالتنشين طلبوا منه ألا يضرب عندها تركهم واتجه للمدرعات عبر البوابة الجنوبية ليجد رجالا مدرسة في الصمود والثبات يشقون وابل الرصاص وتتساقط المدفعية والدانات وتحلق فوق رؤوسهم المسيرات ولسان حالهم من أي يوم من الموت أفر يوم قدر أم يوم لا قدر

لعل المتنبي كان يقصدهم حين قال تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى إلى قول قوم أنت بالغيب عالم

يتقدمون لسان حالهم شأننا أن نصدق القوم القتال لا هوادة فظهور فوق الأعناق الرجال أو شهادة العدو داخل المدرعات لم يأخذ منهم واحد الساتر يضربون ويتقدمون وقد بدأ العدو يولي الدبر بعد أن زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر

وبالقرب من الناحية الشمالية فروا خارج السور ولكنهم كانوا في العمارات يوجهون رصاصهم لتأتي طلقة قناصة مع وركه يسقط حينها مع آلام شديدة فقد استقرت داخل العظم.


أما فارسنا الشجاع سائق الدبابة فقد نفدت ذخيرته تماماً ولكنه كان يتحرك شمالا وجنوبا يبث الرعب في قلوب الأعداء متعرضا للدانات دون وجل أو خوف فله بعد فضل الله ومنه نصيب في ذاك النصر

حاول صاحبنا بعد إصابته أن يزحف على ظهره ولكن حركته كانت بطيئة وصعبة حاول بعد الجنود أن يصلوا اليه ولكنه منعهم لكثرة الذخيرة

نظر إلى البنايات المجاورة و لاحظ وجود العدو في الطابق الأول في أحد البنايات فوجه سلاحه بيد واحدة و اجتهد في التنشين فاختفوا يراقبهم كلما ظهر أحدهم ضربه كان هناك اتجاه اخر للذخيرة لم تكن هناك طريقة للتنشين فكان الضرب بالاجتهاد لقد كان تغيير الوضعية مصاحبة بكثير من الآلام والأوجاع حينها اقترب منه عم كبير في السن يدعى حاج عبيد و قال له اركب على ظهري فرد عليه لن تستطيع حملي والمكان خطر أحمل سلاحي و سألحق بك زحفا وعلى بعد مترين إصابته رصاصة سلاخية قرب عينه فسقط و قال أنه لا يستطيع أن يرى قال له صاحبنا أعطني خزتك المليانة وكانت خزنتين ثم زحف نحوه واستلم سلاحه عندها أبصر شيخنا فطلب منه أن يزحف قليلا ليتعامل مع العدو و الحمد لله تمكن من الزحف و أصبح صاحبنا يوجه الذخيرة نحو العدو الدبابة التي كانت تسير جنوبا وشمالا وقفت بجوارهم و برجها يدور فقال صاحبنا للشيخ اركب في الدبابة الحمد لله بعد محاولة مضنية تمكن من الركوب وانطلقت الدبابة لتخليه لمكان آمن

ثم عادت من جديد ووقفت بجوار صاحبنا نظر إليها يبدو ركوبها مستحيلا حاول الزحف وجده أكثر استحالة أن يكون بينك والإخلاء صعود الدبابة مستحيل في المتداول أخيراً قرر أن يحاول تحامل على نفسه و وقف حاول الصعود و لكنه عجز و داخ فسقط أرضا و بعد أن آفاق من دوخته لا تزال الدبابة في مكانها اي صبر هذا فحاول الكرة من جديد و تحامل و وقف و لكن للمرة الثانية يسقط أرضا عندها قمة التعب قمة الأذى قمة العجز حينها تراءت أمامه آية (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ و لا نصب و لا مخمصة و لا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح) فاشرق القلب بالرضا والنفس بالانشراح فكلها أجور عند الله.

فحاول من جديد ونهض تفقد سلاحه فوجده على ظهر الدبابة حاول أن يدنيه حتى إذا عجز هذه المرة أن يكون معه ولكنه كان بعيدا ثم كانت المحالة والصعود اشبه بالمعجزة طرق الدبابة ليتحرك السائق فاخرج رأسه بعد عدة طرقات وطلب منه أن يتقدم قليلا في ذاك الوقت قصير لاحظ دانتين قد اخطأته يا له من رجل شجاع قل أن يجود بنفسه

عندها انطلقت الدبابة نحو البوابة الجنوبية لقد كان منظر الجيش الذي أتى عظيما يسارعون نحو الفداء

حمله الجنود من الدبابة نحو بكسي الإخلاء في تلك اللحظة لم يكن لصاحبنا الا أن يقول له جزاك الله خيرا بكل ما تحمل الكلمة معاني الخير في الدنيا والآخرة وحفظه الله في الدارين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى