تقارير خاصة

فتيات التفتيش في ارتكازات الدعم السريع .. انـتهاكـات تغضب المسافرات

تتخذ المسافرات من العاصمة السودانية براً، حزمة تدابير قبل بدء رحلة سفر تمر حتما بعدد كبير من ارتكازات ميليشيا الدعم السريع، فالأنباء المتواترة تقول إن ممتلكاتهن من حلي وأموال وربما هواتف معرضة للنهب أثناء رحلة سفر طويلة.

وتخبئ النسوة الأموال في جيوب سرية أسفل الملابس وتضع بعضهن أحزمة على الخاصرة بينما تمحو أخريات كل الصور والمقاطع من الهاتف مع حذف تطبيقات التواصل الاجتماعي.

لكن المفاجأة كانت لكثيرات عندما وجدن فتيات يعملن لصالح ميليشيا الدعم السريع يتولين إخضاع المسافرات لتفتيش من نوع خاص وصف بالمهين، يكشف عوراتهن مصحوبا بسباب وكلمات قاسية حال العثور على مخابئ المقتنيات.

ورُصِد خلال رحلة سفر برية بنقطة تفتيش عند أول ارتكاز للميليشيا في الحاج يوسف – شرق الخرطوم- امتعاض المسافرات من التفتيش واعتبار ما تقوم به نساء الميليشيا انتهاك لكرامتهن حيث يؤمرن برفع أيديهن عاليا ويخضعن لتفتيش يوصف بالمذل.

وتبدي فاطمة مدني وهي مسافرة من الخرطوم إلى عطبرة صدمتها بعد أن مرت لأول مرة بهكذا تجربة واعتبرت ما يحدث للنساء غير شرعي وفيه كشف للعورات وهو أمر محرم.

وقالت إن الفتاة التي تتبع للميليشيا لم تكن منضبطة في التفتيش وتجاوزت حدودها بصورة ملفتة، وأضافت “نخضع في المطارات للتفتيش ولا نشعر خلاله بأي استفزاز”.

وتردف “يجب أن يكون التفتيش مراعيا لخصوصية الشخص ولا يحق لأي كائن تجاوز حدوده الشرعية في التعامل مع النساء حتى ولو كانت امرأة”.

ويعد تفتيش النساء في الارتكازات انتهاكاً جديداً يضاف لسلسة التجاوزات التي تواجهها النساء منذ حرب 15 أبريل بيد ميليشيا الدعم السريع والتي دفعت آلاف الأسر للجوء والنزوح مع تعرض الفتيات لحالات اغتصاب فيما تجهل بعض الأسر مصير بناتهن المفقودات.

وتؤكد عرفة أحمد أنها خضعت لتفتيش في ست ارتكازات تابعة لميليشيا الدعم السريع خلال رحلتها من الخرطوم لعطبرة وأوضحت أن أول ارتكاز قام بتفتيشهن كانت امرأة تعمل لصالح الميليشيا.

ووصفت عرفة التي تصحب طفلتها ذات الست أعوام التفتيش بالمخيف مقرونا بتصرفات بذيئة لا تمت لأخلاق نساء السودان بصلة حيث استهدف التفتيش مناطق لا يجوز أن تتحسسها، وأضافت “هذا أمر مؤسف جدا وتصرف غير إنساني”.

وقالت ” من قامت بتفتيشي تحسست الحزام في خاصرتني وأمرتني بإظهار كل شي.. اضطرتني لخلع البنطال”.

وأضافت عرفة “عندما أخبرتها أنني أخبئ أموالاً قالت لي مقاطعة هل نحن نسرق الأموال وماذا نفعل بيها.. نحن نبحث عن الدولارات لأن حملها ممنوع”.

وتقول الشابة “لم أكن أتوقع أن يتم تفتيشي داخل بلدي ولكن ليست بالأمر المستغرب طالما أن ميليشيا الدعم السريع استباحت بيوتنا وأجسادنا”.

وأشارت خديجة التي قصدت شندي قادمة من الخرطوم إلى أن كل شي متوقع في الحرب، وأقل ما يقال عنها أنها تجعل أعزة القوم أذلة.

وأردفت بالقول “لم يستفزني تفتيش هذه الفتاة العشرينية بقدر ما هزني منظر أمي السبعينية التي خضعت لتفتيش حقيبتها من بنات في سن حفيداتها ونحن نجهل مالمغزى من هذا التفتيش الدقيق”.

ويتسبب المرور بمحطات التفتيش في تأخير وصول حافلة النقل إلى المكان الذي تقصده في وقتها المحدد، فتتوقف مرغمة بسبب حظر التجوال وتضطر جميع النساء للمبيت في الطريق ما جعل التنقل من ولاية إلى أخرى أمر مضن للغاية.

وبعد تمدد ميليشيا الدعم السريع في ولاية ود مدني فرضت معظم ولايات السودان حالة طؤارئ من السادسة مساء حتى السادسة من صباح اليوم الثاني ويبيح الحظر لسلطات الولاية اعتقال من تشتبه فيهم كما تمنع التجمعات مع الحجز على وسائل النقل التي تخالف حالة الطوارئ.

وتحاول النسوة المسافرات التكيف مع هذه الأوضاع والمبيت على الطريق العام باستئجار سرير بقيمة 1000 جنيه للنوم في الاستراحات غير المهيأة لاستقبال أعداد كبيرة.

وتفرض الاستراحات رسوماً على استعمال التواليت الملحق تصل إلى 200 جنيه لكن المكان دائما يكون متسخا ويصعب استخدامه.

وقالت ايمان محمد عبد الله انها نزحت للمرة الثانية بعد الهجوم على منطقة ود مدني وواجهت صعوبات في التنقل لأن معظم المركبات تسافر عبر الصحراء.

وأضافت “اضطررت للمبيت في محطة.. لم أتوقع أصلا أن أنام يوما في الشارع أو أجد صعوبة كما الآن في الوصول إلى ولاية داخل السودان”.

وتقول إنها نزحت تاركة أهلها خلفها بحثا عن وظيفة لتساعد ذويها على مغادرة السودان للعيش في مكان آمن.

فبعد الاشتباكات في الخرطوم نزحت ايمان إلى ولاية الجزيرة ومكثت فيها ستة أشهر ونجحت مع أسرتها في توفيق الأوضاع، وبعد الهجوم غير المتوقع على ود مدني تقول إيمان نصبت ميليشيا الدعم السريع ارتكازا بالقرب من المنزل ومنعنا الأهل من الخروج خوفا علينا من عناصر الدعم وما يثار من اقتياد البنات واغتصابهن.

وأضافت “تلك القوة التي تمركزت بمقربة منا أمرت سكان المنطقة بعدم الخروج من منازلهم بعد المغرب وعدم إنارة المنزل أو إغلاق النوافذ حال استعمال الإضاءة”.

وتقول إيمان إنها خرجت بحثا عن الحرية في مناطق آمنة ومن إعانة الأسرة على الخروج، حيث تبدو منشغلة الفكر بكيفية تأمين وضع ذويها خاصة وأن شقيقها من ذوي الاحتياجات الخاصة خاصة أن معظم البيوت لا تتحمل وجود ضيف من ذوي الإعاقة.

ورصد شهود عيان كثيراً من النساء وهن عازمات على التوجه إلى مصر بطرق غير شرعية بعد وصولهن مدينتي عطبرة وأبو حمد برغم إدراكهن مدى المخاطر في هذه الرحلة الشاقة.

وتقول كوثر وهي امرأة خمسينية كانت برفقة بناتها الأربعة وأطفالهن إنها قررت التوجه إلى مصر عبر التهريب بعد الارتفاع الكبير في أجرة السكن وزيادة أسعار السلع.

وأضافت “المعيشة في السودان باتت شبه مستحيلة بعد تركنا كل شي خلفنا في الخرطوم”.

وتقول إنها تدرك مخاطر التهريب لكن لا خيار أمامها إلا أن تغامر من أجل حياة كريمة، ولا تتردد في اعتبار الفرار خارج البلاد هو الوسيلة الأنجع في ظل تهديدات ميليشيا الدعم السريع بالتمدد في كل ولايات السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى