أخبار

عبد الله الأزرق. . كيف نجهض مؤامرات “حامل القلم ” Penholder

📍السفير عبد الله الأزرق يكتب :

📍كيف نجهض مؤامرات          ” حامل القلم ” Penholder

برزت ممارسة ما يسمى “ حامل القلم “  Penholder في نظام عمل مجلس الأمن في الأمم المتحدة – وهي ممارسة استقرت في العمل رغم أنها غير رسمية – عام 2003 . استقرت بالممارسة أو                            ” المماركة ” كما يقول أهلي المزارعون بالقضارف ، وهي أحلى !!!
وحامل القلم هو الدولة العضو في مجلس الأمن التي تصوغ المشروعات والقرارات ، وتتدخل في تحديد الصفة التي يجتمع بها مجلس الأمن لمناقشة موضوع ما ، وغالباً هي الدولة التي تبتدر النقاش ، وترأس التفاوض حول المشروع .
وتضطلع الدولة حامل القلم بأمر :                
(1) ملف دولة Country – Specific File
أو :
(2) أمر المسائل المواضيعية Thematic matters ( مثل قضايا الطفل ، والصراعات المسلحة ، وعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل )

وحالياً تستحوذ ثلاث دول دائمة العضوية ( P3 ) وهي بريطانيا وأميركا وفرنسا ،   مستقلةً ؛ على مسؤولية حامل القلم في ملفات 22  دولة من بين 33 .
وتتولى القيادة في 7  من بين 12 من المسائل المواضيعية.
وحين تتولى دولة مسؤولية حامل القلم في أمر  ما ، فهي التي تقود وتشكل نتائج القرارات التي يصدرها مجلس الأمن بشأن ذلك الأمر .
ورغم أنه يمكن نظرياً لأي دولة من بين الدول العشر المنتخبة في المجلس ( E10 )  أن تكون حامل القلم ؛ إلّا أن تلك الدول الثلاث الكبار ظلّت عملياً مسيطرة على مسؤولية حامل القلم في المجلس ، منذ بروز تلك الممارسة في 2003 .
وجراء سيطرة ال P3 ، أصبحت كأمر واقع هي  المحتكرة De facto Monopoly  لما  يصدره المجلس من قرارات .
وخلقت تلك السيطرة تبرّماً بين الأعضاء ; إذ غدت من أدوات الهيمنة  Hegemony  من قبل الدول الكبرى ؛ مما جعل بعض الدول تنادي بإصلاحها في إطار إصلاح مجلس الأمن .

وفي هذا الصدد أعلنت دولة مالي ، في 1 مارس  2023، رفضها أن تكون فرنسا  حامل القلم في أي قضية تخص مالي؛ واتهمتها ” بالعدوان ، وانتهاك مجالها الجوي ، والتخريب ، وإشاعة عدم الاستقرار  ” في بلادها .

ومن سوء حظ السودان أن بريطانيا هي حاملة القلم في شؤونه، وقد اتضح عدم حيادها ؛ بل تآمرها في شكوى السودان لمجلس الأمن من تدخل وعدوان دولة الإمارات. فقد عمدت لتغيير طبيعة الجلسة ، وتحويلها إلى جلسة نقاش خاصة بأعضاء مجلس الأمن، وهي بذلك تهدف إلى تسويف الأمر والبحث عن ما يُنجي  الإمارات من إدانة ، أو قرار  يجعلها تدفع ثمن عدوانها على السودان .

ومن حق السودان، بل من واجبه أن يرفض أن تكون بريطانيا هي حامل القلم في الشأن السوداني ؛ خاصة وقد أظهرت تحيزها وتآمرها ضد مصالحه، وليس ذلك بغريب على الإنجليز الذين جُبِلوا على المكر والكيد والخديعة ؛ وأنا أعرف ذلك منهم من خلال عملي سفيراً بلندن لأربع سنوات .

وليس ثَمّة ما يحول دون رفض السودان لحمل بريطانيا قلم الشأن السوداني ،  إلّا  كَوْن مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة ( الحارث إدريس ) مواطن مزدوج الجنسية ، حامل للجنسية البريطانية منذ سنين، ويُخشى أن يصده تضارب المصالح Conflict of Interest  من رفع لواء الرفض . و هذا أمر  يتحدث عنه زملاؤه ، مستشهدين بخوفه وتردده في موضوع طرد ڤولكر ، وشاركه في تردده ذاك وزير الخارجية السابق علي الصادق،  وخلعا  ترددهما – عبر توصيتهما  –  على القيادة العسكرية  ، الشيء الذي جعلها  تتأخر في قرار طرد ڤولكر أياماً مديدة ، بل شهوراً عديدة .

وفي حال فشل السودان في تحقيق رفضه لبريطانيا أن تكون حامل القلم ؛ فيمكنه أن يلجأ للخيار الثاني ، وهو المطالبة أن تكون دولة أخرى شريكة لها في حمل القلم Co-penholder . وهذه المشاركة في حمل القلم ممارسة معمول بها في مجلس الأمن .

ومناداة السودان بمشاركة حمل القلم ستجد قبولاً ، في ضوء مطالبة الدول أن يعكس عمل المجلس تعدد الأطراف   multilateralism ، والتوازن Balance . وكذلك ما يجعله غير متحيز وأقرب للشفافية ، والفعالية والمحاسبية والشمول.

وللسودان قضية ”  مكسوبة  “ضد الإمارات  ، إذا أحسن استخدام الأوراق التي بحوزته، وأول تلك الأوراق رفض أن تكون بريطانيا حامل القلم ، أو منع انفرادها به ، لصد تحايلها.

ولن يصد السودان عن الإلحاح  بتلك المطالبة إلّا أن تكون الإمارات لازالت مؤثّرة على صنّاع قرارنا، ويتحدثون في الخارجية أنها كانت تفعل ذلك مع علي الصادق ،  حتى في نقل سفراء لسفارات  !!!

ويمكن للسودان حشد دعم دول مثل روسيا والصين والجزائر ( Elected member ) لقضيته .  والوثائق والإدانات التي صدرت من منظمات دولية ومن دول ( آخرها شهادة المبعوث الأمريكي بالكونغرس بالأمس )  ضد الإمارات ، ستُحْرِج أعضاء عديدين، خاصة أن الإمارات استقدمت مرتزقة من دول عديدة في عدوانها على السودان، واستجلاب دولة لمرتزقة يجعلهم جزءاً من جيشها !!! .

    📍السفير عبد الله الأزرق
  ————————————
          2 مايو 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى