
استهداف محولات سد مروي: استنزاف للوطن وتهديد لمستقبل الشمال
بات استهداف المحولات الكهربائية في سد مروي، بشكل متكرر وممنهج، بمثابة نزيف حاد يهدد حياة السودانيين في جميع أنحاء البلاد، ويقوض أسس التنمية والاستقرار. فبالإضافة إلى التأثير المباشر على حياة الناس اليومية وتعطيل مصالحهم، أدى هذا الاستهداف الخبيث إلى فشل ذريع للموسم الشتوي في العديد من المشاريع الزراعية الحيوية بالولاية الشمالية، مهدداً الأمن الغذائي ومصدر رزق الآلاف من الأسر. ولا يمكن إغفال الكلفة المالية الباهظة التي تتكبدها الدولة جراء استبدال وصيانة المحولات المتضررة، وهي أموال كان من الأولى توجيهها نحو مشاريع تنموية تخدم المواطن.
إن استمرار هذا الاستنزاف الممنهج، الذي يستهدف عصب الحياة في البلاد، يستدعي وقفة حازمة وإجراءات رادعة تضمن عدم تكراره. فمن غير المقبول أن تظل البنية التحتية الحيوية عرضة للاعتداءات المتكررة دون محاسبة. وفي هذا السياق، يصبح توجيه ضربات مباشرة وقاصمة للمواقع التي تنطلق منها المسيرات التابعة للمليشيا في مناطق سيطرتها، وكذلك قواعد ومنصات إطلاقها من دول الجوار التي أشار إليها الفريق ياسر العطا، ضرورة ملحة لوقف هذا العبث وتأمين مقدرات الوطن.
كما أن الدور المنوط بوزارة الخارجية في هذه اللحظة التاريخية لا يقل أهمية. يجب عليها التحرك العاجل والتواصل الفعال مع الدول التي تستورد منها هذه المسيرات التي تستخدم في تدمير بنيتنا التحتية ومرافقنا الحيوية. إن فضح هذه الجهات ووضعها أمام مسؤولياتها تجاه القانون الدولي والأعراف الإنسانية أمر ضروري لكبح جماح هذه الاعتداءات.
وعلى صعيد داخلي، لا يمكن تجاهل المعلومات التي تتحدث عن اختراقات أمنية خطيرة في قطاع الكهرباء، تحديداً من قبل منسوبي (قحت) الذين ما زالوا يسيطرون على مفاصل هذا القطاع الحيوي. فإذا صحت هذه المعلومات التي تشير إلى قيامهم برفع إحداثيات دقيقة جداً للمليشيا عن مواقع المحولات، وهو ما يفسر دقة وتوقيت إصابة الأهداف، فإن الأمر يستدعي مراجعات أمنية عاجلة وشاملة لكافة العاملين في هذا القطاع، وقطع دابر أي تعاون محتمل مع الجهات التي تستهدف تدمير البلاد.
إن قيادة الفرقة ١٩ مشاة مروي، من خلال بيانها الصادر صباح اليوم الموافق ٤/٥/ ٢٠٢٥م، أكدت إسقاط عدد من المسيرات التي أطلقتها مليشيا الدعم السريع المتمرده والتي حاولت استهداف مقر القيادة وسد مروي. هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك استمرار المليشيا في استهداف البنية التحتية للمواطن، ويشدد على ضرورة تضافر كافة الجهود الرسمية والشعبية لمواجهة هذا التهديد الوجودي.
ختاماً، إن حماية البنية التحتية الحيوية للبلاد، وعلى رأسها سد مروي وشبكات الكهرباء، هي مسؤولية وطنية لا تقبل التأخير أو التهاون. إن وقف هذا الاستنزاف المتكرر يتطلب تحركاً حازماً على كافة الأصعدة العسكرية والدبلوماسية والأمنية، لضمان حماية أرواح وممتلكات المواطنين والحفاظ على مستقبل البلاد من براثن التخريب والدمار.