- الحرب قرينة الموت والمعاناة والجوع والوجع والنزوح والتشرد واللجوء والخوف، وبالتالي فإن الوجدان السليم يرفضها، وينفر منها، ويميل بطبعه إلى الدِعة والسلام لأن الإنسان السوي لا يمكن أن يفضل الحرب على السلام.
- ولأن المولى عز وجل خالقنا الأدرى بنا، والأعلم بمكنونات نفوسنا فقد قال في محكم تنزيله (كُتب عليكم القتال وهو كُرهٌ لكم)؛ لأن الإنسان السوي ينفر بطبعه من الموت ولا يحب القتال، ولا يفضل الحرب على السلام.. لذلك تبقى الحروب خياراً للمضطرين، ولا يشعل أوارها إلا المعتوهين!
- ليتذكر المنتقدون للجيش على تبنيه لمطالب بعينها كشرط لازم للدخول في تفاوض ينتج وقفاً للقتال وإنهاءً للحرب ومعالجةً لجذورها (وليس بهدنةٍ عارضة يعود بعدها القتال بنهج أعنف كما حدث في عشر هدنٍ سابقة)، أن تلكم المطالب عادلةً لا تحوي أي مغالاةٍ أو شطط، ولا يجوز التنازل عنها مطلقاً، لجهة أنها صادرة عن مواطنين مدنيين لا ناقة لهم ولا جمل بالحرب، وأن هؤلاء المدنيين المسالمين لا يطلبون من ميليشيات القتل السريع سوى أن تكف عدوانها عليهم، وتتوقف عن قتلهم وترويعهم وتشريدهم واغتصاب نسائهم ونهب ممتلكاتهم واحتلال وتدمير ونهب منازلهم ومراكز خدماتهم.
- مطالب عادلة وبسيطة، لا علاقة لها بالجيش ولا تتصل به أصلاً، وبالقطع لا يمتلك قادة الجيش تفويضاً بالتنازل عنها لكائنٍ من كان، لاسيما وأن المتمردين أقروا بها ووافقوا عليها وبصموا على تنفيذها بتوقيعهم على إعلان جدة المبُرم يوم 11 مايو، واتفاق جدة المُبرم يوم 21 مايو!
- تلكم البنود إلزامية التنفيذ، ولا يوجد فيها مجال للتفاوض أو التنازل أو التسويف، لجهة أنها تمثل نصوصاً قطعية واردة في القانون الدولي الإنساني المسمى (قانون الحرب)، والبروتوكولات الملحقة به، وبالتالي فإن التعهد بها وتنفيذها والتقيد الصارم بنصوصها لم يكن بحاجة إلى اتفاق أو توقيع.
- شنّ هؤلاء البغاة القتلة حربهم القذرة في العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم، من دون أدنى مراعاة لحرمة وقدسية الشهر الفضيل، ووجهوا فوهات بنادقهم العميلة إلى المواطنين أكثر مما صوبوها نحو جيشٍ اختاروا أن يغدروا به على رؤوس الأشهاد، ولا غرابة فالغدر ديدنهم، والقتل حرفتهم، والسلب والنهب والاغتصاب والتدمير نهجهم، والشيء من معدنه لا يستغرب.
- فليتذكر قادة الدولة والقوات المسلحة تلكم الحقائق البسيطة جيداً كلما أرادت جهة ما أن توظف الحديث عن شهر الصيام لحماية التمرد الغاشم من الانهيار كلما تقدم الجيش في ساحات المعارك.
- ليعلموا أن دموع التماسيح التي تذرفها بعض الجهات الراعية والداعمة للتمرد لا علاقة لها بالسلام، ولا تدل على أي حرص عليه، لأن تلكم الجهات لا تريد الخير للسودان وأهله بقدر ما تحرص على حماية ومنع مليشياتها العميلة المجرمة من الهزيمة والانهيار.
- ليتذكروا كيف استغلت هذه الميليشيا المجردة من كل نوازع الدين والأخلاق الهُدن السابقة كي توسع بها عدوانها على المواطنين، وترفع عبرها وتيرة بطشها بالمدنيين العُزّل، ولينظروا حولهم ليروا ما يفعله أوغاد آل دقلو ومرتزقتهم المجرمون بأهلنا المنكوبين في ولاية الجزيرة، قتلاً واغتصاباً وسحلاً وخطفاً وترويعاً وإذلالاً ونهباً.. وليسألوا أنفسهم: هل يفهم هؤلاء معنى كلمة (سلام)؟
- هل تحكمهم أي ضوابط أو روادع من الدين والأخلاق والتربية السليمة تجعلهم يقاتلون بأخلاق ويتجنبون الاعتداء على القرى الآمنة وسكانها البسطاء؟
- الحديث عن السلام يجب أن يصدر ممن يعرفون معنى تلكم الكلمة التي وصف المولى عز وجل بها نفسه، لا عن مليشيات مجرمة وموغلة في الإجرام، استحلت كل المحرمات وارتكبت كل الموبقات ولم تغادر جريمةً إلا اقترفتها، من حدود الجنينة وأردمتا وزالنجي ونيالا وكُتم غرباً وحتى تخوم الخرطوم والجزيرة والنيلين الأبيض والأزرق والقضارف وسطاً وجنوباً وشرقاً.
- على قواتنا المسلحة أن تنهض بواجباتها، وأن تسرع وتيرة عملياتها، وتلتزم حدود تفويضها، كي تلجم وتدحر هذا التمرد الغاشم المجرم وتضع حداً لمعاناة مواطنيها، سيما في ولاية الجزيرة التي استبيحت فيها كل الحُرمات، وانتهكت فيها الأعراض، وسالت دماء أهلها ودموعهم أنهاراً، وعيل اصطبارهم وهم ينتظرون مقدم جيشهم كي يخلصهم من معاناةٍ طالت، وآلامٍ تعددت، وأوجاع تمددت!
- أرض المحنَّة المنكوبة المستباحة المنهوبة تبكي دماً وتنوح ألماً وتنزف وتستغيث بكم وجعاً يا برهان ويا كباشي ويا العطا ويا جابر.. أن أدركوها وأغيثوا أهلها وأحفظوا شرف حرائرها وامسحوا الدموع عن وجهها الباكي وأعيدوا الطمأنينة لقراها المنكوبة، ودورها المنهوبة، ومزارع قطنها التي استبدلت بياضها الناصع بلون الدم.
- نناديكم ونناشدكم ونستصرخكم مع حرائر أرض المحنة ونخشى أن يفقد تلكؤ الجيش عن نُصرتهن دعم أهل السودان له، بعد أن تكاثرت منهن الاستغاثات، وتعددت المناشدات وتنوعت الصيحات وتقطّرت الدموع.. وما من (معتصماه) يرد المعتدين، ويردع الغاصبين.. ويعيد إلى الجزيرة الشماء أمنها المفقود.
- تحرك يا جيش.. قبل أن تستحيل النُصرة إلى نِقمة.. والإجماع إلى سخطٍ ورفض وامتناع.. ألا قد بلغت؟
702 3 دقائق