” هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ ۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ “
إن النفاق آفة صعبة ، ومعضلة خطيرة ، و سوسة تنخر في جسد الصف المسلم ، و في ثباته و صموده ، و تظهر أكثر ما تظهر في الحروب و الأزمات ، و لذلك ففي كل معركة و في كل جولة قتال تخرج علينا فئة طويلة اللسان قليلة الفعال ، تهمز و تلمز المجاهدين بألسنة حداد ، فلا هم أعدوا و استعدوا ، و لا جاهدوا و صدوا، و لا سكتوا فسلموا ، تجدهم القاعدون ، المخلفون ، المرجفون المثبطون ..
و قد أمرنا الله عز وجل أن نجاهدهم كما نجاهد العدو ، و أن نكشف زيفهم ، و نفاقهم و أن نغلظ عليهم ، و أن لا نترك الناس فريسة لهم ، يبثون فيهم ضعف الإيمان ، ويزعزعون ثقتهم بالله ، ويسخرون من جهود الباذلين و المجاهدين ، ولذلك كان لا بد من مصارحة ومفاصلة في هذا المقام ، التزاما بقول الله تعالى : (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم)
نعلم أنّ مع اشتداد المعارك وطول أمدها وشدتها وزيادة التضحيات تبدأ بعض النفوس بالانهيار ، ويخرج منها ما لا يليق من الكلام والتصرفات ، وربما تعب الجسد و ضيق النفس في مثل هذه الأوقات هو حالة طبيعية و مقبولة في الشدائد و الأزمات ، ولكن المؤمن الواثق بربه سرعان ما يلجأ و يرجع إلى الله فيستمد منه القوة و يتعافى ، كما أخبر تعالى عن حال المؤمنين :
” وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون“
و لكن المنافقون و المخذلون و المرجفون تجد افعالهم تكشفهم ، مثل تصديقهم للشائعات وتناقلهم لها ، و ترديدهم لأخبار العدو و إذاعتها بين الناس ، و اتخاذهم المنابر و القنوات لنشر فكرهم و تغليف كلامهم بغلاف النصيحة و إرادة الخير، و هدفهم زعزعة الثقه في المجاهدين و بث الفرقة فيما بينهم ، كما تجدهم مذبذبون مترددون ، يميلون و يدورون مع القوي حيث دار ..
فثمة فرق كبير بين من تعب و أرهق و هو مع ذلك ثابت، يثق بربه ، و ينتظر الفرج ، و يتأمل النصر ، و يستمطر معية الله بأخلص الطاعات ، و يثبت نفسه و يثبت الناس من حوله ، و بين من يبث التخذيل و التثبيط والتكسيل ، و إذاعة روح التردد و التقهقر و القعود ، و السخط ، و التذمر ، و الاعتراض ، و بث الوهن في القلوب ..
فاتق الله و كن صادقا مع الله و مع نفسك ، واسع في جهاد عدوك و إغاظته ما استطعت ، فمجرد أن تغيظ عدوك ، و أن تنال منه نيلا و لو كان ضئيلا ، حتى لو بأن تزعجه و تهز ثقته بنفسه فقد أنجزت ، وأنت عند الله من المحسنين .
و إياك و قذف المجاهدين و قذف عبادة الجهاد ، و انتبه فإنّ حرمة المجاهدين عند الله عظيمة في أنفسهم و في أهليهم ..
و لا تنسى
“هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ ۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ “
اللهم ثباتا و تأييدا و قوة و معية و استعمالا في سبيلك، و رضا وقبولا يا أكرم الأكرمين ، و الحمد لله رب العالمين.