بسم الله الرحمن الرحيم
بيان حول الراهن السياسي السوداني
ابعاد المؤامرة:
يوم بعد آخر، تتكشف خيوط المؤامرة على بلادنا، وتتضح ابعادها الاقليمية والدولية، وأهم مظاهرها، استماتة حكام الامارات في تنفيذ مشروع احتلال السودان والسيطرة على موارده، حتى وان ادى ذلك الى تفكيك البلاد وتقسيمها الى دويلات متناحرة، وفى المقابل توحد الشعب السوداني دفاعا عن الدولة ومؤسساتها، وفى مقدمتها القوات المسلحة على اساس شرعيتها القانونية والدستورية وقيامها بواجب الدفاع عن البلاد وسيادتها ووحدتها، وتدافع مئات الالاف الى الانخراط في المقاومة الشعبية والاسناد المدني. لقد اظهر الشعب السوداني تضامنا وتكافلا أذهل العالم تمثل في انتشار (التكايا) واطعام مراكز الايواء والنازحين في طول البلاد وعرضها.
يوما بعد اخر تتهاوى سردية الحرب، ومبررات قيامها، من قلة قليلة من ابناء بلادنا، انحازوا للمليشيا والمخططات الاجنبية والارتماء في احضان الخارج وحكام الامارات في ذلة و خنوع لم يشهد تاريخ الخيانات والعمالة مثيل له، منتظرين انكسار ارادة الشعب السوداني وجيشه ليعودوا للحكم على جماجم بنى جلدتهم و لكن خاب ظنهم ، وفضحت المليشيا ادعاءاتهم بإسرافها في قتل السودانيين ونهبهم و احتلال بيوتهم ، وتخريب المرافق الخدمية العامة والخاصة ، واختطاف واغتصاب النساء وبيعهن في اسواق النخاسة، وارتكاب كل الجرائم والانتهاكات ، وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.
دور الامارات:
بتشجيع من الإمارات رفضت مليشيا الدعم السريع المتمردة تنفيذ اتفاق جدة (11 مايو 2003م)، واستمرأت الايغال في العدوان بعد تلقى شحنات الاسلحة الاماراتية عبر مطار ام جرس، وتدفق الاف المرتزقة الذين جندتهم الامارات من دول الجوار، مما مكن المليشيا من توسيع دائرة الحرب واستباحة القرى والمدن في الجزيرة وسنار وارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات في حق المدنيين، وحاصرت الفاشر وهاجمتها عشرات المرات بهدف اسقاطها، واتخاذها قاعدة انطلاق لمهاجمة الاقليم الشمالي، والمساومة على اقامة سلطتها في دارفور. هذه الاحلام والاوهام تبددت بفضل صمود الفاشر وتماسك القوات المدافعة عنها، وفى كل محاور القتال.
ايقاف الحرب:
منذ اتفاق جدة، ظلت مبادرات ايقاف الحرب تراوح مكانها، ولم تقم الدول الراعية للاتفاق بممارسة الحد الادنى من الضغط على المليشيا لتنفيذ الاتفاق، ولم يستطع مجلس الامن فرض قراره بعدم مهاجمة الفاشر، في تواطؤ واضح وانسجام واذعان لأجندة الامارات وسعيها لاحتلال السودان. وجاءت جنيف بهدف التنصل من التزامات اتفاق جدة والاصرار على وجود الامارات في المفاوضات في اشارة واضحة لعدم مراعاة مشاعر السودانيين الذين يرون في الامارات الراعي الرسمي للحرب، غير عابئين باعتراض الحكومة السودانية على وجودها وسيطا لاشتراكها المباشر في العدوان على البلاد.
الوضع الإنساني:
جلبت الحرب أوضاعا كارثية على بلادنا جراء عدوان المليشيا ونهب مخزون الغذاء واتلاف المصانع والمزارع وسرقة مدخرات المواطنين، وتسبب نزوح الملايين في فقدانهم لوظائفهم مع ارتفاع تكلفة المعيشة والتعليم والعلاج، وطور اهل السودان أنماطا مختلفة في التضامن والتعايش، وصبر اهل السودان على الأذى وشظف العيش.
ظل موضوع المساعدات الإنسانية مدخلا لمن يريدون استغلاله لتأجيج الصراع، والتدخل في شؤون بلادنا الداخلية، الا ان الحكومة أصدرت موافقتها على 8 معابر ن ومع ذلك ظل أصحاب الغرض مصرين على معبر أدري فقط، وبعد ان أبدت الحكومة موافقتها عليه، لم نر الا شاحنات تحمل الأسلحة تحت مظلة منظمات دولية مشبوهة، تظل أبواب السودان مفتوحة لتقبل العون من المجتمع الدولي دون شروط الا ما يتعارض مع سيادة البلاد وحمايتها من تهريب السلاح للمليشيا،
العملية السياسية:
1/ مؤتمر القاهرة:
على الرغم من نجاح الخارجية المصرية في عقد اوسع مؤتمر ضم ابرز الفرقاء، جاءت النتائج اقل من المتوقع، و يرجع ذلك الى عدم اكتمال التحضير والتشاور بصورة كافية، واصرار الفريق الذى يمثل ( تقدم ) على اجندته التي تسببت في الحرب، وعدم الاعتراف بقيمة المحافظة على الدولة السودانية و الابقاء على مؤسساتها، فضلا عن رفضه ادانة انتهاكات وجرائم مليشيا الدعم السريع واعتبارها جزءا من الحل، ومع ذلك فان فرص مصر في تحقيق حوار سوداني – سوداني لا تزال وافرة و مرجوة، و من جانبنا نجدد ترحيبنا بالجهود المصرية الهادفة لجمع الفرقاء السودانيين على طاولة الحوار ، خاصة و ان مصر تحملت افرازات الحرب واستقبلت اكثر من مليون سوداني وكانت خير معين للشعب السوداني في مواجهة وتخفيف آثار الحرب، كما نرحب بمبادرات دول الاقليم الهادفة الى انهاء الحرب وجهودها في اغاثة المتأثرين بالحرب وفي مقدمتها دولة قطر، المملكة العربية السعودية ودولة الكويت.
2/ الاتحاد الأفريقي – الآلية الرفيعة:
وسط رفض (تقدم) الاستجابة لدعوة الآلية الرفيعة للمؤتمر التحضيري للحوار السوداني – السوداني الشامل، لبى الدعوة (اغلب الدعويين)، وقدموا رؤية تحضيرية شاملة للحوار واجندته وادارته ومكان انعقاده بعد وقف إطلاق النار، وفى خطوة غير مألوفة تم تجديد الدعوة لمجموعة (تقدم) والتي فشلت في تقديم رؤية للحوار، وانسحاب بعض الدعويين، ومع ذلك تظل مساعي الاتحاد الأفريقي محل ترحيب وتقدير.
اننا نؤكد مساندتنا لموقف الحكومة بعدم الذهاب الى جنيف دون استصحاب ما تم الاتفاق عليه في منبر جدة، وبلا شك فإن موقف الحكومة من رفض وجود الامارات في جنيف كان موقفا صحيحا وجد ارتياحا ومساندة من الرأي العام السوداني، وعليه فأننا نؤكد على ان أسي مفاوضات يجب ان تستند على اتفاق جدة وتنفيذ بنوده وخاصة ما يتعلق بخروج المليشيا من منازل المواطنين واخلاء المرافق الخدمية ومغادرة المناطق التي استباحتها بعد مايو 2023م.
المساعي الامريكية:
لا خلاف ان المصالح الامريكية هي الدافع الاساس لتحركاتها المحسوسة لعمل اختراق في جهود حل الازمة السودانية، ومع الاعتراف بذلك الا ان أي مساهمات في الحل لن تجد القبول اذا تجاهلت مصالح الشعب السوداني في الحفاظ على الدولة واستقلالها وسيادتها، وقد حان الوقت للإدارة الامريكية ان تتبع القول بالعمل و ان تسهم في مراعاة الحفاظ على حقوق السودانيين وفقا للقانون الدولي وشرعية القرارات الدولية، و في هذا الاطار ندعو الادارة الامريكية الى الالتزام بالقوانين الامريكية في توصيف الارهاب و العدوان، وان تراعى ابجديات ومبادئ القانون الدولي الإنساني، و من نافلة القول ان تتخذ الاجراءات الكفيلة بمنع وصول السلاح الأمريكي عبر الامارات للمليشيا، هذه مسؤولية انسانية و قانونية.
الحوار السوداني – السوداني:
إن ما يمر به السودان من تكالب إقليمي ودولي، اتخذ من المليشيا اداة لإعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، يحتاج الي اصطفاف وطني لكافة القوي السياسية السودانية واتفاقها على ضرورة وحتمية افشال المشروع التفتيتي – الاستيطاني والذي تقف من خلفه دولة الامارة العربية لتنفيذ مخططاتها الساعية الى السيطرة على موارد الدولة السودانية ومنافذها البحرية و تحقيقها لأهداف مشروع القرن الافريقي الكبير المنبثقة من مشروع الشرق الأوسط الجديد ولذلك وجب على كل القوى السياسية و المدنية والاهلية التوافق على مشروع وطني يقوم على اساس الثوابت الوطنية في الحفاظ على مصالح البلاد العليا ووحدتها وسيادتها ، والامتثال بصورة عاجلة لمبادئ دستورية تمكن من تكوين حكومة مدنية تعمل على انهاء الحرب و رعاية الحوار و تحقيق الامن والسلام وبناء ما دمرته الحرب، ورتق النسيج الاجتماعي عبر عقد اجتماعي جديد، و مشروع وطني للدولة السودانية يحظى برضى واتفاق كل اهل السودان، تمهيدا للانتقال الى مرحلة العدالة و العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في وجود جيش وطني واحد وتعزيز الحق الحصري للقوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الاخرى في احتكار حمل السلاح دفاعا عن الامن و الاستقرار و السلام وحفاظا لوحدة السودان.
قوي الحراك الوطني
23 سبتمبر 2024م
تحالف الخط الوطني
تنسيقية العودة الي منصة التأسيس