أخبارتقارير خاصة

الحركات المسلحة…الرجوع للحق فضيلة

للحديث بقية
عبد الخالق بادي
الحركات المسلحة…الرجوع للحق فضيلة
بإعلانها أمس الأول وعبر مؤتمر صحفي ببورتسودان عن دعمها للقوات المسلحة والنزول للقتال مع الجيش حتى يتم دحر العملاء والمرتزقة من السودان، تكون حركات الكفاح المسلح الرئيسية، قد خرجت من الضبابية إلى الشفافية والانحياز للحق ونصرة المواطنين المتضررين من جرائم الميليشيا المتمردة، فهذه الحركات ظلت تقف على الحياد منذ بداية الحرب فى ال١٥من أبريل الماضي وحتى انعقاد المؤتمر الصحفي أمس الخميس ال١٦من نوفمبر، ولكن واضح أن موقف الحياد لم يعصمها من انتهاكات المليشيا، فقررت دعم الجيش الذي يدافع عن البلد ويقدم الغالي والنفيس للحفاظ على ترابه.
وما سرني في مخرجات المؤتمر الصحفي هو أن هذه الحركات أكدت أنها مع وحدة السودان ولن تقبل بأن يمزق على يد الميليشيا وعبر ولايات دارفور، حيث يعمل المتمردون على ذلك بعد فشل مخططهم فى احتلال العاصمة، بدليل أنهم عاثوا فيها خرابا وتدميرا وفسادا لم يحدث في أي بلد آخر.
تغيير كل من منى أركو ود جبريل موقفهما من الحرب وانحيازهما للبلد وللجيش الوطني إضافة للقائد مصطفى تمبور الذي سبقهما في الانحياز للجيش، دليل على أنهم أدركوا أخيرا أن الميليشيا المتمردة هدفها تدمير السودان وتمزيقه، وهي لا تفرق بين قبيلة وأخرى أو منطقة ومنطقة، الكل بالنسبة لها أهداف مشروعة، وما ارتكبته الميليشيا من فظائع في الجنينة وكبكابية وأردمتا وغيرها، كان بمثابة(القشة التي قصمت ظهر البعير) بالنسبة لهذه الحركات، إضافة لمقتل العديد من عناصرها وأعيان قبائل على يد الميليشيا.
فمن خلال متابعتنا لتداعيات الحرب ومواقف بعض الحركات المسلحة منها، فان بعضها تعامل مع الحرب من منطلق ضيق، بدليل أن كل الانتهاكات والجرائم الخطيرة التي ارتكبها المتمردون بحق سكان الخرطوم لم تجد فى وقتها إدانة واضحة للميليشيا منها، وبالمقابل نجد أن هنالك حركات تعاملت بوطنية خالصة ودون أي تردد وحددت موقفها منذ البداية بالتضامن مع جيش البلد وشجبت الجرائم التي ارتكبت وحملت الميليشيا المسؤولية.
من المؤكد أن موقف حركات الكفاح المسلح الوطني والذي أعلنته أمس الأول، سيحدث تغييرا كبيرا في ميزان القوى خصوصاً بإقليم دارفور، والذي تحاول الميليشيا المتمردة إيهام مواطنيه( الذين قتلتهم ونكلت بالكثير منهم على الهوية)، بأنها تحارب من أجلهم، وهي في الحقيقة تعمل على السيطرة على مناطقهم وزرع الفتنة بينهم بإثارة النعرات العنصرية.
إن أي ضبابية أو موقف حيادي من الحرب بعد انحياز حركات الكفاح المسلح الرئيسية، يعني الولاء الكامل للميليشيا المتمردة والوقوف عسكريا وماديا ومعنويا معها، والمشاركة في المؤامرة الكبيرة لتمزيق السودان وإبادة شعبه.
إن المؤتمر الصحفي لحركات الكفاح المسلح الرئيسية تزامن مع تطورات مهمة جداً في الساحة العسكرية والسياسية بالسودان والإقليم، فعسكريا الجيش يواصل تقدمه وحصاره للمتمردين والذين باتوا يبحثون عن منفذ للهروب غربا، فأصبحوا أمام خيارين، إما الاستسلام أو الموت .
أما التطورات السياسية، فهنالك تغير واضح في مواقف بعض الدول التي كانت داعمة للميليشيا مثل كينيا وإثيوبيا، وأعتقد أن انتصارات الجيش الكبيرة وإفشاله للمخطط الخبيث لتفتيت السودان، كان سببا أساسيا لتغيير دول إقليمية لمواقفها من طرفي الحرب، فهي كانت تظن أن الجيش السوداني سينهار أمام الميليشيا كما حدث فى دول أخرى، وهم لا يعلمون أن الجيش السوداني صاحب تاريخ ناصع في الحروب وله خبرة طويلة لا توجد عند أي جيش في الإقليم أو الوطن العربي، فهو قومي لا ينتمي لفكر أو حزب، فقوامه هم الغبش الذين جاؤوا من كل بقاع الوطن للدفاع عن الوطن وحماية المواطن.
وفي ظل كل هذه التطورات نلاحظ أن بعض قوى الحرية (والتغيير الهاربون إلى الخارج) والتي تأكد أنها الحاضنة السياسية للمليشيا المتمردة، ماتزال تردد ذات الخطاب القديم، والذي لا يجد من يلقي له بالا، لأنه بلا جديد، وهي كلما تصدر بياناً أو تعقد مؤتمرا صحفيا، تزداد الفجوة بينهم وبين الشعب، وأكثر ما يضحك هو ادعاؤها بأنها تمثل الشعب، وتذرف دموع التماسيح على عذابه ومعاناته على يد الميليشيا المتمردة التي تظاهرها وباعت لها ضميرها من أجل نعيم زائل ومناصب فشلت لعامين في توظيفها لخدمة مشروع ثورة ديسمبر المجيدة، بل تكالبت على الوزارات واحتكرت الوظائف تماما كما تكالب من قبلهم، مكررين تجارب الحكومات المدنية في العهود الديمقراطية السابقة، والتي أفشلتها الأنانية والدكتاتورية المدنية والحزبية، وواضح أنهم لا يتعلمون من التجارب، فرغم تغير الأشخاص والأسماء ظلت الممارسة الحزبية هي هي، ولا أدري متى يتعلمون ؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى