مقالات رأي

عبدالمنان أبكر عمر يكتب: الإمارات والعقوبات الأمريكية مؤامرة جديدة لعزل السودان

في خطوة تعكس تحولًا خطيرًا في مسار العقوبات الغربية على السودان أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات على الحكومة السودانية متجاوزة هذه المرة استهداف قادة الجيش كما كان الحال في السابق. هذه الخطوة لا يمكن قراءتها بمعزل عن الدور الإماراتي المتنامي في توجيه السياسات الغربية تجاه السودان في محاولة لإضعاف الدولة السودانية وإعادة تموضع النفوذ الإقليمي لصالح أبوظبي.
فشلت الإمارات في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية عبر دعمها العلني والمالي الكبير لمليشيا الدعم السريع . فقد استطاع الجيش السوداني من دحر المليشيات في الميدان واستعادة السيطرة على معظم المناطق الاستراتيجية. خارجيًا نجحت الحكومة السودانية في فضح الدعم الإماراتي لهذه المليشيات عبر المؤسسات الدولية ما أدى إلى تآكل صورة الإمارات في المشهد الإقليمي.
من أخطر ما رُوّج مؤخراً هو اتهام السودان باستخدام أسلحة كيميائية وهو ادعاء تفتقر له أي أدلة ملموسة. والسودان كعضو في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا يمتلك مثل هذه الترسانة ما يجعل من هذه الاتهامات جزءاً من حرب دعائية هدفها تجريده من الشرعية الدولية وتهيئة الرأي العام لتدخلات محتملة تحت ذرائع إنسانية.
بعد أن فشلت أبوظبي في فرض تدخل دولي مباشر في السودان تحت البند السابع يبدو أنها تسعى لتكرار تجربتها في سوريا والعراق حيث لعبت أدوارًا محورية في تفكيك الدول وتمكين المليشيات على حساب الجيوش الوطنية. ومن خلال لوبيات نشطة في المؤسسات الأمريكية ومراكز الدراسات ووسائل الإعلام الغربية تحاول الإمارات الدفع نحو عزل السودان إقليميًا ودوليًا وتجريده من مشروعيته السياسية.
يواجه السودان اليوم مؤامرة مركبة تقودها الإمارات وتوظف فيها أدوات إعلامية ودبلوماسية غربية. لذا فإن الرد لا ينبغي أن يكون أمنياً أو عسكرياً فقط بل يجب أن يشمل خطة دبلوماسية شاملة للتحرك إقليميًا ودوليًا عبر القنوات الرسمية والمنظمات الإقليمية والأممية. قيادة حملة إعلامية مضادة توضح للرأي العام الدولي حقيقة الدور الإماراتي في تمويل الصراعات وتأجيج الأزمات. تحرك قانوني دولي لإدانة الدعم العسكري الإماراتي لمليشيات خارجة عن القانون وفضح جرائم الحرب المرتكبة في السودان. بناء تحالفات استراتيجية مع الدول التي ترفض التدخلات الإقليمية وتدعم استقرار السودان.
ليست هذه أول مرة تلعب فيها الإمارات دوراً تخريبياً في المنطقة. ففي اليمن دعمت المجلس الانتقالي الجنوبي على حساب الشرعية وفي ليبيا سلّحت قوات حفتر ضد الحكومة المعترف بها دولياً وفي سوريا سعت لعودة نظام الأسد عبر مسارات التطبيع رغم سجل النظام الدموي.
ومن السيناريوهات المحتملة في الأزمة الإماراتية-السودانية استمرار الضغط الإعلامي والدبلوماسي على السودان مع محاولات لنزع الشرعية الدولية. تصعيد العقوبات الغربية بتأثير اللوبي الإماراتي في واشنطن ولندن.
احتمال التراجع التكتيكي من قبل الإمارات في حال فشل الضغوط وتأزم صورتها الدولية.

 ٢٤ مايو ٢٠٢٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى