
في زمن تكشّفت فيه الحقائق وانقشعت فيه سُحب التضليل، قالها السيد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة بصدق الميدان لا بلاغة المنصات الوطن لا يُباع، والسيادة ليست ورقة في مكاتب السفارات. كلماته في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان كانت بمثابة صرخة وطن، أيقظت ضمائر وأزعجت المتآمرين، وفضحت حجم الخيانة التي لطالما تغاضينا عنها تحت دعاوى السياسة والمصالحة.
رئيسٌ قاتل… وشهداء سطروا التاريخ بدمائهم منذ الساعات الأولى للحرب، لم يكن الرئيس بعيدًا عن المعركة. بل كان في قلبها، يقاتل إلى جانب الحرس الرئاسي، في واحدة من أشرف ملاحم الدفاع عن الدولة. في ذلك الهجوم الأول، استُشهد أكثر من 35 بطلًا من الحرس، قضوا وهم يذودون عن حياض الوطن، ويدفعون أرواحهم ثمنًا لكرامته. في ميدان القتال، لم يكن القائد قائدًا من برجٍ عاجي، بل كان أخًا في السلاح، وسندًا للرجال.
وفي مقابل تلك التضحيات، تقف مشاهد الخيانة والعمالة، التي تمارسها بعض القوى السياسية دون خجل. على رأسها ما يُسمى بـ”تحالف صمود”، الذي انكشف تحالفه المشين مع مليشيا الدعم السريع، لا سياسيًا فقط، بل بتمويل خارجي وتحريض ممنهج تقوده جهات إقليمية، أبرزها الإمارات.
تحالف صمود، الذي يدّعي الدفاع عن الثورة، لم يتورع عن التماهي مع المشروع الذي يستهدف السودان كدولة، ويهدف لتفكيك مؤسساته العسكرية والأمنية، وتقديمه لقمة سائغة في لعبة المحاور الإقليمية. فبأي منطق يتحالف مدّعو الوطنية مع مليشيا احترفت القتل والنهب وانتهاك كرامة المواطنين؟
لم تعد هذه التحالفات خافية على أحد. فالدعم السياسي والإعلامي الذي تتلقاه مليشيا الدعم السريع من قوى مثل تحالف صمود، لم يكن إلا نتاجًا لتفاهمات خفية ووعود بحصص في السلطة، حتى ولو كان الثمن هو الخراب الكامل للدولة السودانية.
بعض هذه الأحزاب باتت تمارس “الارتزاق السياسي”، مستغلة معاناة الشعب، لتبيع مواقفها مقابل الدعم الخارجي، وتعمل كوكيل محلي لأجندات لا تمت لمصلحة السودان بصلة. فأي وطنية هذه التي تصطف مع من يقتل أبناء الوطن ويحتل مدنه ويعيث فيها فسادًا؟
في الوقت الذي كان فيه بعض السياسيين يوقّعون بيانات العار في فنادق العواصم، كان القائد العام في قلب المعركة، يقود رجاله بشجاعة، ويتلقى معهم نيران العدو، لا وعود السفارات. وبينما كانت البيانات تُصاغ هناك، كانت الأرض تُحرر هنا، وكانت دماء الشهداء تكتب تاريخًا جديدًا للوطن.
لقد عرف الشعب السوداني اليوم من باعه، ومن دافع عنه. وميز بين من يلبس عباءة الوطنية زورًا، ومن سالت دماؤه فداءً للعلم والسيادة. لم تعد المؤامرات تخفى، ولم يعد الخونة يختبئون خلف الشعارات الثورية.
المجد للشهداء الذين صانوا تراب الوطن، المجد للبندقية التي حملت شرف الدفاع، والمجد لقائدٍ لم يتخل عن الميدان،ي زمن تكاثر فيه تجار الشعارات.
وسيبقى السودان… رغمهم جميعًا.