مقالات رأي

عبدالمنان أبكر عمر: التحليل العسكري والسياسي الراهن للوضع في السودان:

تشهد القوات المسلحة السودانية تطوراً نوعياً كبيراً على مستوى القوة البشرية والمادية استعداداً لمعركة فاصلة ضد مليشيات الدعم السريع المتمركزة في غربي السودان. ولأول مرة منذ انطلاق معركة الكرامة قبل أكثر من عامين قامت القوات المسلحة بترتيب وتنظيم قوات المساندة تحت قيادة موحدة مما عزز الانضباط والسيطرة المركزية على العمليات.
يمثل الشباب السوداني بمختلف أطيافه ركيزة أساسية في هذه القوات المساندة خاصة مع الدور الملحوظ للتيار الإسلامي الذي استطاع أن يحشد ويدمج شباباً من مختلف الخلفيات تحت مظلة الجيش بعيداً عن الانتماءات الحزبية أو الجهوية. وقد اكتسب هؤلاء المقاتلون خبرات ميدانية وقتالية متقدمة خلال معركة الكرامة مما يرجح قدرتهم على حسم المعركة القادمة لصالح الجيش الوطني.
في المقابل تمر مليشيات الدعم السريع بمرحلة من التراجع والضعف الملحوظ ويتجلى ذلك في عدة مؤشرات ميدانية ابرزها حالة تذمر وانشقاقات داخل صفوف المليشيات تنذر بإمكانية اندلاع مواجهات داخلية. هروب وانسحابات متزايدة من مناطق نفوذهم مع تخلي العديد من المقاتلين عن مواقعهم. فرار أسر القيادات السياسية والعسكرية إلى خارج البلاد خصوصاً إلى جنوب السودان وتشاد وليبيا. حالات اعتقالات واسعة في مناطق سيطرة المليشيات بتهمة التخابر مع الجيش ما يدل على حالة من الشك والارتياب داخل صفوفهم. مصادرة أجهزة ستارلنك لمنع تسرب المعلومات أو التواصل بين المتواجدين في مناطق تحت سيطرتهم. مناشدات بالاستسلام بدأت تظهر عبر قنواتهم الخاصة وقد سجلت حالات فعلية لاستسلام عناصرهم للقوات المسلحة. بدأت خلافات بين القيادات الموقعة على وثيقة التأسيس في نيروبي خاصة حول تقاسم المناصب.
رغم محاولات مليشيات الدعم السريع للظهور بمظهر القوة عبر دعايات حشد واستنفار وادعاء شن هجمات على بعض المناطق إلا أن واقعهم الميداني يشير إلى أنهم بالكاد يدافعون عن ما تبقى من مناطق سيطرتهم دون قدرة حقيقية على شن هجمات استراتيجية ناجحة.
كما أن تحالفهم مع الحركة الشعبية – قطاع الشمال لم يحقق الأثر المأمول بل فقدت الحركة بدورها مواقع مهمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق مما زاد من عزلة مليشيات الدعم السريع.
من جهة أخرى تمكن الجيش السوداني من تعزيز ترسانته بأسلحة نوعية لا سيما منظومات الدفاع الجوي مما يقلل من فعالية هجمات الطائرات المسيرة التي كانت تستخدمها المليشيات في السابق. بالإضافة إلى ذلك يتم إعداد متحركات عسكرية من عدة محاور بالتنسيق التام وهي خطوة استراتيجية كفيلة بتحرير كامل كردفان تليها عملية تحرير دارفور عبر عدة محاور متزامنة.
استناداً إلى المعطيات السابقة يمكن رسم السيناريوهات المحتملة نتوقع تحرير كردفان بالكامل خلال فترة وجيزة بفضل التفوق البشري والمادي للجيش واستمرار الانهيار داخل المليشيات. انهيار داخلي للدعم السريع نتيجة الانشقاقات المتزايدة والهروب الجماعي من الميدان قد تتفكك المليشيات من الداخل دون الحاجة إلى مواجهات شاملة في بعض المناطق. استسلام جماعي لبعض الوحدات تحت ضغط العمليات العسكرية وانعدام الإمدادات والدعم الخارجي خاصة بعد قطع طرق الإمداد إلى غرب السودان. تصعيد المواجهات في دارفور مع بدء تحركات الجيش نحو دارفور من المتوقع أن تشهد بعض المناطق مقاومة شرسة خصوصاً من الجيوب المتبقية لكن التفوق العددي والنوعي للجيش قد يحسم الأمر. تدخل خارجي محدود لا يُستبعد أن تحاول بعض القوى الإقليمية أو الدولية التدخل سياسياً أو عبر وساطات خصوصاً مع تزايد الانهيار لتأمين مصالحها أو حماية بعض الفاعلين المرتبطين بها.
تشير كل المؤشرات إلى أن الجيش السوداني يتجه نحو تحقيق نصر حاسم في معركته ضد مليشيات الدعم السريع. حالة الانهيار المعنوي والانقسامات داخل المليشيات مقابل التنظيم الجيد والاستعداد العالي للقوات المسلحة تؤكد أن الفترة القادمة ستكون حاسمة في مسار الصراع مع احتمالات قوية لاستعادة كامل التراب السوداني تحت سيطرة الدولة الوطنية.

🖋️عبدالمنان ابكرعمر
28/4/2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى