فيما أرى
1
في الحلقة الأولى من هذا المقال بيّنا بوضوح انحياز بعثة تقصي الحقائق التي كونها مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر الماضي، بانحيازها لكل المقولات والروايات التي ترددها المليشيات والمخندقون في فنادق كمبالا ونيروبي وبالطبع الكفيل، متجاهلة الوقائع والحقائق الماثلة على الأرض، والتي يشهد عليها ملايين السودانيين كل صباح، وسنرى اليوم كيف هندست تلك اللجنة توصياتها، وهي توصيات لا يكتبها إلا عميان بلا ضمائر وتبدو علامات الرشى على جباههم بدلاً عن غُرة الصلاة!!
أي والله.
2
ثلاث توصيات تكفي لأن تدرك الدرك السحيق الذي وصلت إليه لجان الأمم المتحدة، التي ضمت (للعجب) منى رشماوي الفلسطينية المعروفة في أروقة الأمم المتحدة بأنها مستعدة أن تبيع أي شي لمن يدفع أكثر، وكم من مرة جاءوا بها في اللجان لتمرر الطبخات القذرة، والتنزاني شاندي الذي باع كل تاريخه وهو على مقاعد التقاعد، وعلى أعتاب القبر، وآخر تونسي نكرة، لعنة الله على الفلوس!!
3
نرجع للتوصيات، تقول التوصية الأولى (نظراً لفشل الأطراف في حماية المدنيين حتى الآن، توصي بعثة تقصي الحقائق بنشر قوة مستقلة ومحايدة ذات تفويض لحماية المدنيين في السودان).
لماذا نشر قوة مستقلة؟
(لتمتنع الأطراف عن توجيه الهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، والنهب، وسرقة الممتلكات، وارتكاب أعمال شنيعة ضد الأشخاص، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى، وتجنيد الأطفال واستخدامهم).. تمام، ولكن من الذي يقوم بالهجمات ضد المدنيين؟ من الذي يؤذي المدنيين؟
طبعا اللجنة تدعي أن من يقوم بذلك القوات المسلحة والدعم السريع!!
حسنا.. لنقبل ذلك.. ولكن من يا ترى يسرق ومن ينهب ومن يغتصب ومن يجند الأطفال؟
تصوروا أن اللجنة تساوي بين الطرفين (الجيش والمليشيا) حتى في هذه، مضحك حد السخرية أن تتهم لجنة أممية الجيش السوداني بأنه يسرق وينهب ويغتصب والعالم كله يرى بالفيديوهات التي يوثقها الجنجويد أنفسهم ليثبتوا أنهم يرتكبون كل تلك الجرائم، لم يروا الفيديوهات ولم يسمعوا بها ولكنهم جاهزون بالاتهامات للجيش، الاتهامات التي لم يرها أحد ولم توثقها كاميرا، رأتها أعينهم فقط تلك التي بها غشاوة كثيفة من رشاوى.. تدخل عليهم بالساحق والماحق!!
سنناقش قضية هذه القوات بالتفصيل في مقال منفصل، وانظر في مقترحات صديقي الحاج وراق التي قدمها قبل يومين في ندوة بكمبالا بخصوص تلك القوات والتى جعلتني أنفجر ضاحكاً.. يا حليلك وحليل أيامك يا حاج.. آه يا زمن!
4
التوصية الثانية: (تعتبر بعثة تقصي الحقائق أن القتال سيتوقف بمجرد توقف تدفق الأسلحة لذلك، يجب على جميع الدول والجهات الالتزام بحظر الأسلحة القائم في دارفور وفقًا لقرار مجلس الأمن 1556 (2004) والقرارات اللاحقة، كما يجب توسيع هذا الحظر ليشمل البلاد بأكملها).
دعك من الهراء وقولهم بأن القتال سيتوقف بمجرد صدور قرار بوقف تدفق الأسلحة، ده حصل وين؟ في الصومال أو في أفغانستان أو في غزة؟ بل متى توقفت أي حرب في العالم لأن قراراً بالحظر صدر من مجلس الأمن؟ مجرد هراء وكذب.
المهم في هذه التوصية جملة (توسيع الحظر ليشمل البلاد كلها) هذا هو الموضوع، والغرض من ذلك حرمان الجيش من مصادر التسليح وترك الباب مفتوحاً للمليشيات كي تتسلح كيفما تشاء، لأن اللجنة تعلم من يسلح المليشيا عياناً بياناً ولا أحد في المجتمع الدولي المنافق برغم قراراته بوقف تدفق السلاح منذ الشهور الأولى للحرب، عجز أن يدينها أو يوقفها أو حتى أن يقول لها بغم!!
منذ بداية الحرب قال لنا الرئيس البرهان أنهم منعوا السودان من السلاح، أوقفوا بواخر السلاح في عرض البحر حتى بدون قرار، استهبال بس وبيدهم القوية واشتروا كل الأسلحة التي يحتاجها السودان من المصانع بل اشتروا المصانع نفسها!!
برغم ذلك الحصار استطاع السودان أن ينفذ لمبتغاه بفضل رجال سيكتب التاريخ أسماءهم من نور، فعلوا كل شيء ليتحرر القرار السوداني بصمت وبطرق يعرفونها جيداً.. يوماً ما سنحكي عنهم وعن الأيدي الصديقة التي مدت لنا.
5
التوصية الثالثة: (توصي بعثة تقصي الحقائق بتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل كامل أراضي السودان، كما تحث السودان على التعاون مع المحكمة من خلال تسليم جميع الأشخاص المتهمين، بما في ذلك الرئيس السابق عمر البشير)!
علشان تشوف.. هسع الدخل عمر البشير والأشخاص المتهمين هنا شنو؟، ما علاقتهم بهذه الحرب؟ ما دخل اللجنة أصلاً وتفويضها بقضية لها عشرين عاماً؟ ومن طلب منها توصية أو اقتراحاً؟ ولماذا تحث السودان في موضوع لم يسألها أحد عنه؟ بالطبع هذه توصية مزروعة مستلفة من وثائق جماعة أخرى ودولة أخرى (نفس العبارة والملامح والشبه) في وثائق تقدم، ترى من زج بهذا الهراء في التوصيات؟
6
لهذه الهيصة ثلاثة أغراض، أولها الضغط على الحكومة السودانية والجيش الذي يتوهم تحالف إزهاق الأرواح والسلام والذي أسموه كذباً تحالف إنقاذ الأرواح والسلام، أنهما سيرضخان لها في النهاية وينفذا أجندتها بالقبول بالتفاوض لإعادة الميليشيا إلى الساحة السياسية والعسكرية وهيهات، الغربية أن الأمريكان اقتنعوا باستحالة ذلك ولكن نفوذ الكفيل وأمواله قادرة على لجم بعض عضوية تحالف إزهاق الأرواح.
الغرض الثاني هو التهديد والابتزاز بمثل هذه التوصيات. كيف؟ منذ تسريب التوصيات قبل عرضها في جلسة مجلس حقوق الإنسان الأخيرة بدأت أبواق المليشيات وأتباعها بلا إحسان من التقدميين الترويج لقصة أن هذه التوصيات ستذهب لمجلس الأمن وبناء عليها سيقرر المجلس التدخل العسكري تحت الفصل السابع في السودان!! هكذا.. ” هي أحلامهم، وهذا ما يرجون وكل ذلك التهديد والابتزاز لجر السودان للخضوع لأجندة المليشيا والكفيل وهيهات، ليس للشعب السوداني ما يخاف منه أو يتهدد به.. يا هولاكو الزمن اتغير!!
الغرض الثالث.. أن لجنة عديمي الضمائر لن تكتفي بأن تتلقى رشاوى رخيصة من بعض أعضاء تحالف إزهاق الأرواح ولكن ستقوم الدول التي كونتها بمكافأتها على الخدمات الجليلة التي قدمتها رشماوي/ شاندى/ ورفاقهما بأن تحرص على التجديد لها لعام آخر (تعمل إيه؟ ما ضروري) المهم أن يتلقى هؤلاء المرتشون رشوتهم تلك ومكافأتهم بتمديد عملهم عاماً آخر.
سمع العالم مقررات وتوصيات اللجنة، وغداً السبت في طرقات جنيف وميادينها سيسمع العالم هدير أصوات جماهير الشعب السوداني التي ستتدفق من كل أوروبا.. جيش واحد شعب واحد. فلتموتوا بغيظكم.