مقالات رأي

عادل الباز يكتب: طبول الصفيح (5-5)المجاعة (ب)


1
“لن تنتهي الحرب أبداً طالما أن الجرح الذي أحدثته في مكان ما لا يزال ينزف”.
هاينريش بول الألماني الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 1972
2
بالأمس رأينا كيف أن الذين دعوا للحرب يطالبون بإيقافها والذين يضربون الكواريك حول المجاعة هم من تسببوا فيها وأن الذين يطالبون بالإغاثة هم الذين ينهبون من مخازن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وهم الذين يفرضون الحصار على المدن بهدف تجويعها واخضاعها وهم الذين يرفضون وصولها للمحتاجين إلا عبر مدخل واحد (أدري) الذي يسيطرون عليه.!!. ومن العجيب أن من ينهبون غذاء الناس من بيوتهم ومخازنهم يدعون العالم للإسراع بإغاثتهم.!!.
ولأجل الوصول لغاياتهم يصدرون التقارير المزيفة التي يحشدون لها أرقاماً عجيبة ما أنزل الله بها من سلطان. مثلاً، خد عندك تقرير معهد “كلينجندايل” الذي قال (أن الأعداد المتوقعة والناتجة عن الجوع تبلغ مليونين وخمسمائة ألف وفاة مع توقع أن يموت 15 في المئة من سكان ولايات دارفور وكردفان، والتي من المرجح أن تكون الأكثر تضررا، من الجوع والمرض بحلول سبتمبر.).
تصور 2 مليون نصف سوداني يفترض أن يموتوا حتى شهر سبتمبر القادم.!! ترى كم مات خلال الفترة الماضية وكم متوقع أن يموتوا خلال هذا الشهر لندخل سبتمبر وقد مات 2 مليون ونصف سوداني.؟ مثل هذه التقارير الزائفة التي يستندون عليها لخدع العالم لتنفيذ أجندتهم السياسية ولنهب ملايين دولارات من المتبرعين والتي لا تصل منها 10% إلى جيوب المحتاجين فعلا.
3
والحال كذلك الناس تموت بالملايين ونصف الشعب السوداني مهدد بالموت بزعمهم خلال عام!!… إذن ماذا فعل المجتمع الدولي لإنقاذ السودانيين من الموت المحقق.؟.
تقول السيدة ليندا جونسون (قادت الاستجابة الإنسانية من خلال تقديم أكثر من 1.6 مليار دولار من المساعدات منذ سبتمبر 2023.) تقصد السيدة جونسون تلك الوعود التي أطلقتها الدول التي اجتمعت في مؤتمر باريس الذي شاركت في تنظيمه فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي العام الماضي، بهدف سد فجوة التمويل بهدف معالجة الأزمة السودانية. ولكن ماذا فعل العالم عقب ذلك المؤتمر الذى أثار ضجة كبرى وقتها. يقول د. أمجد فريد (نجد أن التمويل المتوفر لهذا العام من المجتمع الدولي لخطة الإغاثة الإنسانية في السودان بنهاية شهر يوليو 2024، يغطي فقط نحو ثلث الحاجة والميزانية التي قدرتها وكالات الأمم المتحدة لمعالجة أكبر كارثة إنسانية معاصرة (التمويل المتوفر يبلغ 850 مليون دولار، بينما الميزانية المطلوبة تبلغ 2.7 مليار دولار). أي أن التمويل الذي يوفره المجتمع الدولي للسودانيين الذين يموتون بالملايين هى نسبة 30% مما وعد به)… أرأيتم مثل هذا النفاق.. كم هو مقزز؟.
في الشهر الماضي أصدرت 13 منظمة من المنظمات العاملة في مجال الإغاثة التي تعمل في الحدود التشادية بياناً قالوا فيها ان مايتلقونه من مساعدات هى 12% من جملة احتياجاتهم وناشدت الأمم المتحدة والمتبرعين أن يسارعوا بدفع ما تعهدوا به.!!
كل هذا الضجيج الذي يثيرونه في الميديا العالمية حول الموت الجوع بالسودان وفي شعاراتهم ومؤتمراتهم لا تترجم لأفعال بالتبرع السخي لإنقاذ الجوعى لأن الهدف ليس تدارك المجاعة المدعاة ولكن لأجل خدمة الأجندة السياسية الهادفة لوقف إطلاق النار دون تنفيذ مقررات جدة ولأجل فتح أبواب البلاد لإغاثة مسمومة لتشوين التمرد عبر معبر وحيد (أدري)، إذ لو كان الهدف غير ذلك لأصدورا الإدانات ضد المليشيا التي تنهب الإغاثة المحدودة من مخازنهم وقوافلهم.
بالأمس فقط أصدرت منظمة أطباء بلا حدود… بياناً قالت فيه (اضطررنا لتقليص عدد الأطفال الذين يمكنهم تلقي العلاج لأن قوات الدعم السريع منعت شاحنات الإغاثة من دخول الفاشر.). إذن المليشيات ترتكب جرائم حرب وتمنع وتنهب الإغاثة والعالم صامت ولا إدانة واحدة لم تخرج من تلك المنظمات، ويحدثونك عن الحكومة التي تمنع مرور الإغاثة.!! لو أن الحكومة هى من نهبت الإغاثة وجيشها لقامت الدنيا وما قعدت!!. برضو عاوزننا نصدق أن هناك ما يسمونه عالم حر ديمقراطي وبتاع حقوق إنسان وهو حريص على إغاثتنا، وهو نفس العالم الذي يدعم مليشيات متمردة تقتل وتغتصب وترتكب الإبادة وتنهب حتى الإغاثة المسمومة ذات الأجندة التي يتفضل بها علينا.!!
وبالأمس أيضاً أصدرت مفوضية العمل الإنساني بياناً قالت فيه (الحقيقة تؤكد أن ما ورد من شبكة الإنذار المبكر للمجاعة بتاريخ 1-8-2024م حول الأوضاع الإنسانية بمعسكر زمزم للنازحين بالفاشر لا يمت للحقيقة بصلة وأن تقرير مفوضية العون الإنساني بشمال دارفور بتاريخ 3-8-2024م قد أفاد أن زيارة مشتركة للجهات الحكومية المعنية وبعض المنظمات العالمية قد تمت بتاريخ 23-7-2024م لمعسكر زمزم حيث كشفت هذه الزيارة عن استقرار الوضع الإنساني وأن المنظمات تقوم بتقديم المساعدات في قطاع الصحة والتغذية والرعاية الصحية الأولية والصحة الانجابية، وهذه المنظمات هي أطباء بلا حدود الفرنسية والتضامن العالمية ومنظمة الإغاثة الدولية.. إذن حتى معسكر زمزم الوحيد الذي قالوا إن به مجاعة، اتضح أنه لم تحدث فيه مجاعة، وذلك بشهادة المنظمات الدولية العاملة هناك.!!
على الحكومة التي تستمع الآن لقرع الطبل والصفيح الفارغ هذا، ألا تلتفت إلا لنداءات شعبها الداعية لسحق التمرد، وعليها أن تعمل في ذات الوقت بالسعي الجاد لسد نقص الغذاء الذي تسببت فيه المليشيا التي أخرجت قطاعات واسعة من الأراضي الزراعية من دائرة الانتاج. علينا عدم الانصياع لأجندة المتآمرين والاتجاه نحو العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى