مقالات رأي

خالدة عبد السلام تكتب: البلاء سلم التمكين..والله لم نهن يوما على الله..

هل اصابك اليأس يوما و أنت ترى صور النصر بعيدة و انّ العدو ينتهك العروض و يذبح الرجال و يسبى و يغتصب الحرائر و النساء و يهلك القرى بذلك الحقد الدفين الذي يتكالب فيه الأعداء و الأقرباء خيانة و غدرا خذلانا .. هل كان كل هذا سببا في فقدان الامل عندك او طرح سؤال بداخلك من أين سيأتي النصر ؟ هل يا ترى ان الفئة المؤمنة و جند الله ، وًكل من يدافع عن الارض و العرض قد هانوا على الله ؟
إذا وصل بك الأمر من اليأس و الخوف و فقدان الثقة و الامل لهذه الدرجة ، فانتبه و اعلم بانه لا انا و لا انت و لا غيرنا من العالمين ، ستكون قلوبنا على الحق و الدين و الامة اكثر من الذي خلق الكون و انزل الكتاب و اجرى السحاب و سن السنن و لله المثل الأعلى ..
اخي الحبيب ، الحمد لله أن قد منّ علينا بان جعلنا من امّة سيدنا محمّد تلك الامة المختارة فهي اعلى الامم و أخيرها و أفضلها فحمى الله دينه بان لا ينال أحد منه وإن نال من أفرادها ، لأن دينها محفوظ إلى ختام الدنيا ، ولما كانت أمة ممكنًا لها في غالب تاريخها ، وكان دينها ظاهرًا ، وتكون العاقبة لها بالتمكين لها في آخر الأمر، فإنه لا بد من أن يقابل هذا التمكين موجات عنيفة من الابتلاء والشدة والتعذيب ، والبأساء والضراء، وهذا ما وقع للنبي عليه الصلاة والسلام ولصحابته ، فإنه عليه الصلاة والسلام عذب و هجر و ضرب وخنق حتى كاد أن يموت و سخرية و اذى و ابتلاء و من تآمر من اقرب الأقربين اليه من المشركين ببطن مكة ، ووضع سلى الجزور على ظهره ، و من سفهاء و أطفال الطائف و رجمه بالحجارة حتى أدميت قدماه فنادى ربه شاكيا ضعفه و هوانه على الناس ” ان لم يكن بك علي غضبا فلا أبالي و لكن عافيتك ارجو ” و وضع له السم في طعامه ، وشج رأسه ، وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه، وأوذي في الله تعالى أذى شديدًا ، ثم ما لاقاه في المدينة من تآمر المشركون واليهود والمنافقون على قتله مرات عدة فهل كان رسول الله هينا على الله ؟
اخي الحبيب ، ان لك في رسول الله وأصحابه رضي الله عنهم أسوة حسنة فلقد أوذوا في الله تعالى ، وعذبوا عذابًا شديدًا ، وعذب المشركون المستضعفين من المؤمنين في مكة بالتجويع والتعطيش والحرق، حتى كانوا يلبسونهم أدرع الحديد ويصهرونهم في الشمس، وكان بلال يبطح في رمضاء مكة الحارقة ، ويوضع الحجر الضخم الساخن على صدره العاري ، وكان خباب يعذب بأسياخ النار يُكوى بها رأسه وجسده ، وفاضت روح ياسر وسمية والدي عمار تحت التعذيب ، وقتل سبعين من أفاضل الصحابة يوم أُحد ومُثِّل بأجسادهم ، وغُدِر بسبعين آخرين في بئر معونة و يوم الرجيع ، وظفر ملك الروم بعدد من الصحابة أسرى ، فغلى ماء في قدر، فقذف ببعضهم فيها حتى الموت فهل هانوا يوما على الله ؟
اخي الحبيب ، الم تسمع بقصة سحرة فرعون الذين تحول حالهم من أحط دركات الكفر إلى اعلى قمة سامقه في الايمان ، فكانوا اول من عوقب بالقطع و الصلب في التاريخ ، و قصة اصحاب الأخدود و قد القاهم الطاغية في حمم النيران المستعرة أطفالا رضعا و نساء و رجالا ، هل كانوا هينين على الله ؟
اخي الحبيب ، القصص و الاحداث في الكون كثيرة و جميعها لها معيارا واحدا عند الله سبحانه و تعالى ، و هو ان الله يميز الخبيث من الطيب لكي يتخذ الله من المؤمنين شهداء يقرّبهم و يصطفيهم و على الكفة الأخرى يجمع الخبيث على صعيد واحد فيركمه و يهوي به في النار و العياذ بالله ..
اخي الحبيب جميعنا يعلم ان الانتصارات و الهزائم و النجاحات و الانكسارات ما هي إلا ابتلاءات و فتنه ابتليت بها الامة ليعلم الله الصادقين من الكاذبين و يميز بها المخلصين من المنافقين الذين يعبدون الله على حرف فيقولون ” ما وعدنا الله و رسوله إلا غرورا ” بينما بيزداد المؤمنين ايمانا و يقينا و يقولون ” هذا ما وعدنا الله و رسوله و صدق الله و رسوله “
اخي الحبيب كل هذه الابتلاءات اخبرنا الله بها ، اجتماع الاحزاب علينا ، حتىً تضيق علينا الارض بما رحبت ، و نفقد الاحباب و تسيل منا الدماء و يتخطفنا الأعداء ، ان نخذل من قومنا و من بني جلدتنا و ديننا و يتركونا فريسة لاعداء الامة ، ان نلقى عدونا بقليل عدة و عتاد و قد اعددنا كل الاسباب و قدمنا كل ما لديدنا ثم لم يبقى لنا زاد إلا ” حسبنا الله و نعم الوكيل ” كل هذا اخبرنا به الله تعالى في الكتاب و السنة ، صحيح ان الحزن كبير و الالم عظيم و الوجع فاق كل احتمال ، و لكن عزاءنا ان قضيتنا هي قضية حق و باطل ، فالمؤمن دوما في حال اختبار و فتنة و عنك معركتي بدر و احد فما كان النصر في بدر إلا اختبار على النصر و كيفية التعامل معه هل يتواكلون إلى انفسهم و ينسون التوكل إلى الله ليكون النصر اختبارا ، و تكون الهزيمة في احد فتنة و كيف تصيبهم ذلة الانكسار و قد كان قائدهم ” محمد بن عبدالله ” امام المجاهدين و قائد القر المحجلين
فعلمهم الله دروسا ما كانوا يتعلمونها لولا الهزيمة و تقديم تلك التضحيات العظيمة التي سطرها القرآن الكريم بحروف النور الربانية لتكون خالدة مدى الزمان ..
اخي الحبيب انتبه فإنّ الاهم دوما هو كيف سنتعامل أنا و انت و غيرنا ، اين سيكون موقعنا هل سنكون مع الحق و اهله و لا نبالي ام سنصطف مع الباطل و نخسر الدنيا و الاخرة ، و اعلم اخي ان هذا الطريق لايوجد فيه منتصف فاما مع الحق و اهله او مع الباطل و زمرته ..
اخي الحبيب جميعكم يعلم اكثر من الف قصة و حكاية حروفها دماء و كلماتها أشلاء و مدادها تضحيات ، فهذا هو قدر الفئة المؤمنة و كل ما يجري في حقنا الان و كل مستضعفي المسلمين في الارض ، ليس لاننا هينون على الله ، حاشا لله فالله هو الحق المبين العدل الرحيم و لكنّ البلاء هو سلم التمكين في الارض و النجاة و الفوز بالجنة {ألا إنّ سِلْعَة الله غَالِيه ألا إنّ سِلْعَة الله الجنّة }

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى