الحياء والوقاحة لا يجتمعان عادةً، إلا عند صغار النفوس، ربما تكون تلك المفارقة الأقرب لوصف صغار “قحت” أمثال خالد سلك وياسر عرمان وثالثهما جعفر حسن، الذين أدمنوا لقصر قامتهم السياسية التعامل باستحياء مزرٍ مع حميدتي إلى درجة تدفعهم لممارسة الغزل غير العفيف معه، تهافتاً وتزلفاً لكل ما يربطهم بآل دقلو .
وتتبدى المفارقة في النكوص عن انتقاد حميدتي والتجرؤ والوقاحة مع البرهان ألقت بظلالها على خطاب الصغار العقيم، حيث بدأ عليهم القلق والارتباك في تحديد ضوابط معيارية لانتقاد خطاب البرهان بعد أن قهقهوا وصفقوا لحميدتي عندما أساء لقائد الجيش، وتعاملوا مع قائد المليشيا وكأنه زعيم وطني وقائد لحركة تحرر، بل إن اصطفافهم لمصافحته (بالدور) ابتداء ثم لاتقاط الصور معه لاحقاً وهم يتبسمون يجعلك تتوهم أنه السيد عبد الرحمن المهدي أو الزعيم الأزهري أو محمد أحمد المحجوب.
سلك وعرمان وحمدوك ورهط قحت شابهوا يوم إشهار زواجهم السري مع حميدتي في أديس عبد الرحمن شلقم ومصطفى عبد الجليل وبقية السياسيين والأكاديميين الليبيين الذين كانوا يجلسون مهطعي الرؤوس عندما يحاضرهم القذافي عن كتابه الأخضر، زاعماً أنه مستودع السر الذي يعالج كل أزمات الأمة العربية بل والإنسانية جمعاء، ومجالسوه يعلمون علم اليقين أن حديثه عبارة عن تفاهات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكن من الواجب التصفيق والهتاف له إما خوفاً منه أو حفاظاً على كراسي السلطة، حتى ولو تم ذلك خصماً على شرفهم وسمعتهم العلمية والمهنية.
ذاك من حيث الشكل، أما مضمون الوقاحة فيتجلى في تصريحات سلك عندما قال “خطاب البرهان افتقد لاستشعار خطر اللحظة الحالية، وانقاد البرهان للثأر لشخصه من تعليقات حميدتي اللاذعة في تصريحاته الصحفية”..
في المقابل منع الحياء والتهافت سلك من توجيه أي نقد أو استهجان أو مجرد لوم لخطبة الزواج التي تلاها حميدتي عقب توقيع العقد، بل إن الارتباك والقلق جعلا سلك يدلس ويقول “خطاب البرهان للثأر لشخصه من تعليقات حميدتي اللاذعة في تصريحاته الصحفية” وهو يعلم علم اليقين أنها صدرت في منبر أعدته لجنة مشتركة بين “التمرد وقحت” وفضح ذلك زعيمهم حميدتي حينما استاذن من حمدوك أثناء اللقاء لتوجيه المزيد من الاساءات والشتائم الوقحة للبرهان..
تجرأ قائد الجنجويد وقال ذلك صراحةً لأنه يعرف بؤس تلك القيادات التي لم يمنعها ذم حميدتي المتواصل لها في ما مضى من التهافت في ما بينها على كل ما يقربها من آل دقلو ومليشياتهم حالياً.
هناك اثنان آخران يمتلكان قدرات استثنائية على الكذب، فعرمان وجعفر حسن وصلت بهما البجاحة والتناحة والوقاحة درجة أن يقول أولهما “إن قضية خروج الدعم السريع من منازل المواطنين السودانيين مجرد مزايدة” بينما قال ثانيهما “الكرة الآن في ملعب القوات المسلحة بعد أن أبدى الطرف الآخر استعداده لوقف غير مشروط لإطلاق النار”وتتجلى وقاحة وتفاهة حلفاء الجنجويد في حديث رشا عوض الناطق الرسمي باسم تقدم لقناة الشرق عندما قالت: “قوات الدعم السريع كانت موجودة في الخرطوم لأكثر من عشر سنوات ولديها عشرات الآلاف من الجنود، ولكن في أزمنة السلم لم نسمع بمثل هذه الانتهاكات التي أفرزها واقع الحرب وخروج الآلاف من السجون واختفاء الشرطة وعدم توفير أي حماية للمدنيين”٠
انظر كيف حشدت الأعذار لتبرر انتهاكات المليشيا المجرمة، وتنسبها إلى آخرين، والأقبح من ذلك أنها ومن فرط وقاحتها لم تكتف بإعفاء الجنجويد من جرائمهم الحالية، بل برأتهم حتى من جرائمهم وانتهاكاتهم السابقة، بما فيها الإبادة الجماعية والتصفيات العرقية وحرق القرى بعد نهبها وبقية الجرائم الشنيعة التي ارتكبها الجنجويد في دارفور منذ العام 2003، كما أعفتهم من مسئولية مذبحة شارع النيل في رمضان، ومذبحة فض الاعتصام، ومذبحة الأبيض، وما تلاها من انتهاكات، فأي وضاعة تلك وأي بؤس وأي قبح وأي إجرام يا رشا جنجويد؟
حملت أبواق قحت هواتفها لتوثيق خطبة الزواج البائسة في أديس أبابا لكنها صمتت صمت القبور عندما كشف قائد الجنجويد الأدوار الكبيرة التي يقوم بها مستشاره حسبو عبد الرحمن نائب الرئيس المخلوع في الاتصال بالكيزان وترتيب اللقاءات والاجتماعات، فأي وقاحة تلك؟
وأي نفاق؟
المأزق الذي وقع فيه بعض الصغار أمثال خالد سلك وجعفر حسن وثالثتها رشا جنجويد، ينحصر في أن خطابهم كان قائماً في ما مضى على دغدغة مشاعر الشارع الثوري والشباب المتحمس وكانت نغماتهم تتحدث وقتها عن استنكار سرقة شركة الجنيد لذهب السودان وعن مجزرة فض الاعتصام، وتدبيج القصائد عن قتلة الشهيد ود عكر ورفاقه، والتغني بحقوق الشهداء والمطالبة بمحاكمة القتلة، لينحط حالياً ويتحول إلى خطاب رخيص وذليل ومزرٍ يصل درجة اعتبار “احتلال الدعم السريع لمنازل المدنيين مزايدة ” وادعاء أن “الجنجويد حريصون على وقف الحرب والسلام”!!
اتفرج ياسلام!!!لم يجد هؤلاء الصغار قامةً ومواقفاً ووطنيةً وسيلة لتشويه دعوات المقاومة الشعبية سوى محاولة ربطها بالفلول وأعوان الانقلاب ولكن لم يعد لذلك التسويق المبتذل زبوناً يشتريه، ولا آذاناً تصغي إليه..
فالوعي العام للشعب السوداني تجاوز مرحلة “السواقة بالخلاء” بعد أن شاهد حسبو عبد الرحمن نائب البشير وأبو القاسم بركة الوالي في كردفان والنيل الأبيض، والفاتح قرشي مسؤول الطلاب في المؤتمر الوطني، ودفع الله دينار معتمد الرئاسة في ولاية الخرطوم وعثمان عمليات والعشرات من قيادات الكيزان يتقلدون مواقع في قمة هرم القيادة العسكرية والسياسية للدعم السريع، بل إن الكثير من الكيزان ينشطون حالياً في اللجان الفنية المشتركة بين الجنجويد وقحت، ووجودهم بمعيّة فلول الثورة (حلفاء الجنجويد بلا خجل) كفيل بنسف أي سواقة جديدة من عرمان وسلك وجعفر سفارات ورشا جنجويد ورفاقهم الذين لا ينقصهم إلا الكدمول كي يصبحوا جنجويداً (قنقر كي)..
فانظر لأي درك سحيق تسفلوا في سبيل سعيهم للحصول على سلطة زائفة ومقاعد رخيصة، يحصلون عليها بمعاونة الجنجويد على قتل ونهب أهلهم، والصمت على انتهاك شرف إخواتهم وأمهاتهم..
(زايلي ونعيمكي زايل).. ولضمي!