
تشهد ولايات كردفان خلال الأشهر الأخيرة تصاعداً مقلقاً في استهداف القيادات الأهلية، في وقتٍ تتزايد فيه الاتهامات لمليشيا الدعم السريع بالوقوف وراء عمليات تصفية ممنهجة ضد رموز الإدارة الأهلية الرافضين لسياسات المليشيا أو الذين تمسكوا بمواقف مستقلة في خضم الصراع الدائر.
آخر هذه الحوادث تمثلت في وفاة ناظر عموم قبائل حَمَر، بعد أن حُرم من تلقي العلاج والرعاية الصحية في ظل ظروف إنسانية قاسية. وتؤكد مصادر أهلية أن الراحل كان قد تعرض لضغوطٍ وتهديدات متكررة من قبل عناصر المليشيا بسبب مواقفه الداعمة للسلم الأهلي ورفضه الانتهاكات بحق المدنيين. وتشير ذات المصادر إلى أن منع نقله للعلاج مثّل صورة من صور التصفية الصامتة، التي تلجأ إليها المليشيا لإسكات الأصوات التقليدية المؤثرة.
الحادثة تأتي امتداداً لسلسلة من الانتهاكات التي طالت شخصيات أهلية بارزة في الإقليم، حيث تم تصفية ناظر المجانين في ظروف غامضة، وقبله الناظر الشوين من زعماء المسيرية، إضافة إلى اعتقال عدد من أبناء قيادات الإدارة الأهلية في مناطق مختلفة من كردفان، ما أثار مخاوف متزايدة من استهدافٍ منظم لبنية الإدارات التقليدية التي تشكل صمام الأمان الاجتماعي في المنطقة.
ويرى مراقبون أن هذه الممارسات تمثل محاولة متعمدة لإضعاف دور الزعامات الأهلية التي لطالما ساهمت في ضبط التوازنات الاجتماعية واحتواء النزاعات المحلية، مؤكدين أن تغييب هذه الرموز يفتح الباب أمام تفكك النسيج الاجتماعي وتفاقم الانقسامات.
كما حذر ناشطون ومنظمات مدنية من خطورة استمرار نهج التصفية عبر المسيرات الجوية أو الحرمان من الخدمات الصحية والإنسانية، معتبرين أن ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ودعوا الجهات الإقليمية والدولية إلى التحقيق في هذه الانتهاكات ومساءلة المتورطين.



