
شاركت القوات المشتركة بفعالية في معركة الكرامة إلى جانب القوات المسلحة السودانية وأسهمت بشكل كبير في تحرير مناطق استراتيجية شملت الجزيرة، وسنجة، وجبل موية بولاية سنار، بالإضافة إلى مصفاة الجيلي وأجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم. وقد أدى هذا التقدم إلى انهيار صفوف مليشيا الدعم السريع مما أجبرها على التراجع والفرار نحو إقليم دارفور حيث تسعى لتوحيد صفوفها مع المليشيات المحاصِرة لمدينة الفاشر.
لكن منذ تحرير الخرطوم لوحظ تباطؤ واضح في زحف القوات النظامية نحو دارفور لفك الحصار عن الفاشر ما فتح باب التكهنات والجدل في أوساط الرأي العام وعلى منصات التواصل الاجتماعي. ويزداد الغموض مع غياب قوات (درع السودان) عن المشهد العسكري وتركّز معظم قوات (كتائب البراء) في مهام تأمين داخلية في العاصمة الخرطوم بينما توقفت جميع التحركات التي كانت موجهة نحو دارفور.
وفي الوقت الذي صعّدت فيه مليشيا الدعم السريع هجماتها على الفاشر والمناطق المحيطة بها تمكنت من السيطرة على معسكري زمزم وأبو شوك وسط غياب تام للإسناد الجوي واللوجستي مما أدى إلى نفاد الذخائر لدى القوات المشتركة والمقاومة الشعبية وارتكبت المليشيات جرائم مروّعة بحق النازحين والمدنيين.
هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان مواقف مشابهة في بداية الحرب حيث أفضى تأخر الحسم العسكري إلى سقوط معظم الفرق العسكرية في دارفور.
تتداول الأوساط الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي وثيقة غير مؤكدة تفيد بوجود اتفاق سري بين الحكومة ومليشيا الدعم السريع يقضي بانسحاب الأخيرة من الخرطوم مقابل تنازل الحكومة عن إقليم دارفور لصالح المتمردين. وعلى الرغم من عدم التحقق من صحة الوثيقة حتى الآن فإن ملامح الموقف العسكري وتصريحات بعض المسؤولين مثل حاكم إقليم دارفور تعزز هذه الشكوك خاصة مع غياب أي تقدم عسكري ملحوظ نحو الإقليم.
في حال صحّت هذه الفرضية فإننا أمام تحول خطير في مسار الحرب قد يقود إلى مرحلة جديدة من الحرب حيث ان هدف تمرد الدعم السريع هو السيطرة على الدولة بأكملها وليس فقط على إقليم دارفور.ومن السيناريوهات المحتملة انسحاب الحركات المسلحة من القوات المشتركة ليس بهدف الحياد بل للدفاع عن الإقليم ضد الدعم السريع وهو ما يعيد خلط الأوراق في المشهد العسكري والسياسي.
قد تلجأ بعض الحركات للاستعانة بعلاقاتها الإقليمية والدولية ما قد يمهد لتدخلات خارجية تهدد وحدة السودان. و قد تلجأ بعض الحركات المسلحة إلى التحالف مع مليشيا الدعم السريع كما حدث مع الحركة الشعبية/جناح (الحلو) ما يمثل تهديدًا مباشرًا لكيان الدولة ويزيد فرص تقسيم السودان.
الخطوات المطلوبة لتفادي هذه السيناريوهات الخطيرة يجب على القوات المسلحة السودانية أن تتخذ الخطوات بشكل عاجل بمواصلة معركة الكرامة وتحرير دارفور من قبضة مليشيا الدعم السريع. وتأمين حدود البلاد الغربية لمنع تدفق الدعم الخارجي للمليشيات. الإسراع في تشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية ومستقلة تتولى إدارة البلاد سياسيًا خلال المرحلة المقبلة. إعادة ترتيب أوضاع القوات التي شاركت في معركة الكرامة وتحديد أدوارها بوضوح ضمن إطار مؤسسي منضبط.
إن التباطؤ في حسم المعركة بدارفور يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيدًا بعضها قد يهدد وحدة السودان واستقراره بشكل غير مسبوق. ومن هنا فإن مسؤولية المؤسسة العسكرية والسياسية الآن أكبر من أي وقت مضى وهي مطالبة باتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة تضع أمن الوطن ووحدته فوق كل اعتبار.
🖋️عبدالمنان ابكرعمر
14/4/2025