مقالات رأي

عادل الباز يكتب: ماذا فعلت سلوى بـ(لعمامرة) في جنيف؟

1
حين قال الرئيس البرهان لن نذهب لمفاوضات في جدة ولا جنيف استغرب كثيرون، إذ كان وفد السودان وقتها في طريقة إلى جنيف، لكن الوفد لم يذهب لمفاوضات بل لمشاورات حول الشئون الإنسانية والإغاثة، ولكن السيد لعمامرة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومعه ثلة المتآمرين الدوليين مدفوعي الأجر حاولوا أن يحولوا هذه المشاورات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة مع وفد التمرد ثم حاولوا جرجرة الوفد إلى ماهو أخطر.!! كيف.. ماذا جرى في جنيف.. لنبدأ القصة من أولها.
2
قال لعمامرة في بيانه الختامي “كما طلب القرار 2736 (2024) طلب مني الأمين العام، بالتشاور مع السلطات السودانية وأصحاب المصلحة الإقليميين، تقديم المزيد من التوصيات لحماية المدنيين في السودان، بناءً على آليات الوساطة والمساعي الحميدة الحالية”. من هنا بدأ الكذب، إذ أن الدعوة التي تلقاها السودان ليس فيها أي شيء يشير إلى قصة حماية المدنيين هذه.
بعد وصول وفد السودان إلى جنيف بدأ يسأل عن أجندة المشاورات والمواضيع التي سيجرى نقاشها، ولكن ظل وفد العمامرة يماطل في تسليم الأجندة ورغب في أن تكون الجلسة الافتتاحية في قاعة داخل مبنى الأمم المتحدة، إلا أن الدولة المضيفة تدخلت بعد أن استشعرت خطر انهيار المشاورات، وقامت بتوفير قاعات بعيدة عن مبنى الأمم المتحدة، ويحدث كل ذلك الهرج دون أن يوضح الأجندة حتى ذلك الوقت.
يعني كان المقصود أن يحول العمامرة المفاوضات إلى مفاوضات مباشرة ويعطى المليشيا شرعية لا تحلم بها بإدخالها مبنى الأمم المتحدة، مما يعني شرعنتها لأنها غير مستحقة، وذلك وفق الأعراف والمواثيق الدولية التي تحرم دخول المليشات والحركات المسلحة التي لا ينبغي لغير دولة ذات سيادة الولوج لسوحها وقاعاتها، وقد كان فخاً فطن إليه ورفضه وفد السودان، ثم رفض المفاوضات المباشرة مع وفد المتمردين وحتى ذلك الوقت لم يستلم وفد السودان أجندة هذه المشاورات.!!. والسبب أن فخاً منصوباً حاول وفد العمامرة تمريره في ثنايا الأجندة، بل إنني أعتقد أن هذه المشاورات لم تكن إلا خدعة لتمرير أجندة سياسية. كيف؟.
بعد وصول الوفد السوداني لجنيف، عقد الوفد الحكومي والأممي (11) جلسة، منها (9) جلسات على مستوى الفرق الفنية المتخصصة من الجانبين، وتم التداول بشكل أساسي على (محاور المساعدات الإنسانية). بعد تلك النقاشات قدم وفد العمامرة أجندة الحوار التي تتضمن بندين هما:
1/التدابير التي يتعين اتخاذها لضمان توزيع المساعدات الإنسانية لجميع السكان السودانيين المحتاجين؛ 2/ خيارات ضمان حماية المدنيين في جميع أنحاء السودان.) مادخل حماية المدنيين في هذه المفاوضات؟.
هنا تفطن أعضاء الوفد السوداني أن العمامرة ووفده يحاولون أن يفتحوا منبراً سياسياً للتفاوض السياسي تحت سقف الأمم المتحدة، لنسف اتفاق جده وتعهداته، وقالت سلوى آدم رئيس الوفد في تصريحات لها بعد انهيار المفاوضات بسبب هذا البند “إن ما تم طرحه فيما يتعلق ببند حماية المدنيين، فإن الوفد الحكومي جدد تأكيده على أن هذا البند مكانه منبر جدة، مع التشديد على أن يتم أولاً تطبيق التزامات إعلان جدة لحماية المدنيين الموقع بتاريخ 11 مايو 2023 تطبيقاً كاملاً وعاجلاً.). هنا أسقط في يد لعمامرة ووفده وحاولوا جاهدين باتصالات مكثفة مع الخرطوم لممارسة ضغوط تجعل الوفد يرضخ ويستمر في الحوار حول حماية المدنيين.. ولكن كان الوفد ومن خلفه الخبراء مصرين على موقفهم ووضعوا كل المعلومات بين يدي الحكومة التي تبنت ذات موقف الوفد بل وطالبت الوفد بنفض يده من المشاورات والعودة للبلاد وقد كان.
3
الهدف من مفاوضات جنيف كما بدا لي كان تأسيس منبر للمفاوضات السياسية تحت قبة الأمم المتحدة، ثم فرض إدخال المساعدات الإنسانية عبر مداخل تسيطر عليها المليشيا، مثلاً تصر الأمم المتحدة أن يدع السودان الإغاثة تدخل عبر منطقة (أدري) التي تسيطر عليها المليشيات، مما يعني أن تشون المليشيا نفسها من أموال المتبرعين الدوليين للإغاثة وهي أصلاً تقوم بنهبها ونهب سياراتها كما أثبتت كثير من بيانات منظمات الأمم المتحدة نفسها.
5
خاب هذه المرة وفد العمامرة وانتهت مهمته بالفشل التام.. حقيقة لم أعد أدري لماذا يتآمر العالم كله لصالح المليشيات التي تقتل وتنهب وتغتصب؟!، الإيقاد تتآمر، حتى الأمس قالت إن السودان على وشك الانهيار.!! الاتحاد الأفريقي منبر مفتوح للتآمر على السودان الذي ساهم في تأسيسه، دول الجوار تفتح حدودها للمرتزقة ولتوريد السلاح للمليشيات والمؤتمرات المشبوهة، وكان مجلس الأمن أول من سعى لحياكة القرارات ضد السودان، تم تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وغادر السودان من الإيقاد مكرهاً، وحاصرته دول الجوار، ومنع عنه السلاح، لا وبل منعت بريطانيا السودان حتى من تقديم شكوى لمجلس الأمن.!!، والآن وأخيراً انضمت الأمم المتحدة وأمينها العام غوتيريش ومبعوثه العمامرة للمؤامرة الدولية عبر بوابة العمل الإنساني والإغاثة، ترى ماذا فعل السودان ليرزح تحت هذا الضغط والتآمر الأممي؟!. هل كان مطلوباً منه إلا يحارب المتمردين؟ هل مطلوب منه أن يرضخ للطامعين المستعمرين الجدد والقدامى لنهب ثرواته وأرضه.؟.
(أم أنهم أزمعوا ألا يظللنا
في أرضنا نحن لا سفح، ولا جبل
إلا بيارق أمريكا وجحافلها
وهل لحر على أمثالها قبل؟


وا ضيعة الأرض إن ظلت شوامخها
تهوي، ويعلو عليها الدون والسفل!
ما خربت يد أقسى المجرمين يدا
ما خربت واستباحت هذه الدول
هذي التي المثل العليا على فمها
وعند كل امتحان تبصق المثل!)
الشاعر العراقي عبد الواحد عبد الرازق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى