1- الميليشيا التي هي وليد غير شرعي لدولة 56 لم تعرفها قبل تلك الحرب ولا أظن أنها سمعت بها، جاءت بها الأقدار من صحاري المجهول، لتجد نفسها متربعة على سدة دولة 56 في خضم صراع سياسي لا تفقه عنه شيئاً وليست لها سابق معرفة بتضاريسه ولذا لم نسمع من قادتها كلمة عن تلك الدولة وعن أسسها ولا قضاياها ولا مظالمها.
2- جاءت دولة 56 نفسها بتلك الميليشيات لتستخدمها في قمع الذين طالما بثوا شكواهم التاريخية من تلك الدولة فقامت الميليشيا بدور كلب الحراسة، بل ألعن. إذ إن شيطان جنجويدها لم يكتف بما طلبه منهم سدنة دولة 56 في الحرب، بل قاموا بتنفيذ أجندتهم التي تفوقت على أجندة سادتهم في دولة 56 فقتلوا وأبادوا ضحايا تلك الدولة المزعومة. لقد فصّل أستاذنا الدكتور عبد الله علي إبراهيم مزاعم الزاعمين من الهامش أنهم كانوا ضد تلك الدولة وأثبت كيف أنهم كانوا منخرطين في كل تفاصيلها ومسؤولين عن كل جرائمها من الجنوب ودارفور وكل الهامش.
3- بعد الحرب، بدأ العزف على وتر دولة 56 للتغطية على انقلابهم على الدولة، وليشرعنوا خطابهم السياسي وبدأ الدجالون والمحتالون يضعون على أفواه قادتها مقولات الهامش القديمة حول تلك الدولة التي كانوا بالأمس خدامها ومنفذو سياساتها وناهبو ثرواتها والمتربعون على قمة حكوماتها المختلفة. فجأة أصبح للميليشيات خطاب ضدها (دولة 56) مطالبين بتفكيكها، لتحل محلها دولة العطاوة المصنوعة تواً في 2023.!!.
4- تطالب الميليشيا وببغاواتها بتفكيك دولة 56.. كيف؟. يردد الببغاوات أن ذلك يتم عبر تأسيس دولة مدنية ديمقراطية حقيقة.. باعتبار أن دولة 56 دولة ديكتاتورية ليست حقيقية، منحازة للجلابة!!ثم ماذا؟ يطالبون بتفكيك مؤسساتها جميعاً وعلى رأسها الجيش.. لأن هذا الجيش هو الجيش الذي تأسس من أبناء تلك الدولة وظل يدافع عنها فهو العدو لجماعة دولة العطاوة الذين لم يكونوا ضمن دولة 56 وما بعدها بسنوات ولا تعنيهم قضاياها.
5- يطالبون بعدالة توزيع الثروات بين كافة أقاليم البلاد، باعتبار أن تلك الثروات محتكرة لأبناء دولة 56 وحدهم منذ الاستقلال وحتى تاريخ شن حربهم عليها.
6- يطالبون بقسمة السلطة العادلة بينهم وبين أبناء المركز (جماعة دولة 56) باعتبار أنهم حرموا منها ولم يشاركوا في إدارة شؤونهم.
7- تلك هي ملامح دولة 56 كما رسمها الأفاكون ووضعوها على أفواه الذين عقلهم في آذانهم، إن كان لهم عقلٌ أصلاً. الحقيقة أنني لا أجد في نفسي عزماً على الرد على هذه الترهات وأكتفي بإحالة القراء لكتابات الدكتور عبد الله علي إبراهيم المتعددة والعميقة حول أساطير هذا الإفك منذ (تحالف الهاربين) إلى آخر مقال له في يوم الأحد.
6 أغسطس 2023 (دولة 56 والسردية الوطنية السودانية).
8- كيف سعت الميليشيا لإنفاذ أجندتها المصطنعة حديثاً لتنفيذ مخطط تدمير دولة 56؟ نشاهد هذه الأيام على الهواء مباشرة صور سعيها المحموم والكاذب لتحطيم تلك الدولة.قامت بتكديس الثروات في غفلة تلك الدولة واستعانت بدولة إقليمية (الإمارات) في تعظيم ثرواتهم المنهوبة من خيرات تلك الدولة، ثم حشدت قوتها العسكرية التي ساهم في تأسيسها وتسليحها أبناء تلك الدولة (56) ورعايتها وتمويلها.. ثم سعت للانقلاب عليها بجلب مرتزقة من الخارج لإعانة جنجويدها لتحطيم تلك الدولة.
ولما عجزت الميليشيا بتآمرها للاستيلاء على تلك الدولة قررت (شفشفتها) تماماً!! كيف؟.
لم تكتف بنهب ثرواتها بالسرقة وبالتهريب والغش والترهيب بل مضت لنهبها من خلال سرقة البنوك ومدخرات المواطنين، بل تطورت لشفشفة أموال المساكين في دولة 56 وبيوتهم وكل ممتلكاتهم من عربات ومنقولات وعفش ومستشفيات واحتلال المنازل.
باختصار نهب ثروات أبناء 56 بدون فرز بالسلاح والإرهاب.. وبذا حققت أول وأهم مقولاتهم (عدالة توزيع الثروة) بهذه الطريقة الإجرامية.وماذا عن الديمقراطية؟هذه نفذوها بشكل تام ومثالي باجرامهم، فلقد تمت المساواة بين الأغنياء والفقراء في النهب فنهبوا اغنياء الخرطوم ثم غادروا للقروى الجزيرة لينهبوا فقراءها ويسلبوهم كل ممتلكاتهم التي جمعوها عبر سنوات بالأسى والصبر على الأمراض والسهر في التقانب ومر الذكريات.. حققوا ديمقراطية دولة العطاوة ومدنييتها عبر تسع أشهر فقط فوهبوا السودانيين نموذجاً ديمقراطياً في الشفشفة التي لا تفرق بين الإثنيات لأجل إرساء أحد مداميك الديمقراطية وهي العدالة!!
9- قاموا في سعيهم لبناء دولة مدنية بتحطيم كل المدن التي دخلوها وما بها من مبانٍ حديثة ومقار المؤسسات المدنية والإعلامية والتطوعية والثقافية، باختصار حطموا كل ما هو مدني لبناء دولة مدنية فوق أنقاض دولة 56 وبذلك سيتوجون ملوكاً على أنقاض دولة 56 لبناء دولة آل دقلو المدنية الديمقراطية؟
10- أما عن حقوق الإنسان التي هي أحد ركائز الدولة الديمقراطية المدنية فلم يقصروا بتاتاً في إرسائها، فقد قتلوا وأبادوا وشردوا واغتصبوا ووثقوا كل ذلك بأنفسهم مفتخرين بإنجازاتهم العظيمة في هذا المجال.. شاهدتم بأنفسكم ذلك النموذج المدني الديمقراطي الباهر لدولة آل دقلو ولست بحاجة لعرض تفاصيله.
11- الإنجازات التي حققوها منذ بداية تآمرهم على دولة 56 ليست بسيطة.. فها هي الثروات وقد نهبوها والديمقراطية قد شادوها عياناً بياناً كما فصلناه أعلاه، وها هي المؤسسات التعليمية والثقافية والتاريخية وكل مؤسسة مدنية قد دمرها ولم تبقى في دولة 56 إلا مؤسسة واحدة لم يخربوها ويدمروها إلا قليلاً وهي الجيش، وهو موضع حربهم الآن لكسر عظم ظهرها (56)، يسعون لتدمير الجيش بشكل نهائي للاستيلاء على دولة 56 وهيهات. وسيدركون هذا قريباً، فالجيش الذي يتدافع مئات الآلاف من شعبه الآن للقتال معه لن يهزم وما من قوة همجية باستطاعتها تدميره.
12- بعد كل هذا الخراب والدمار والنهب والترويع والاغتصاب، اتضح للسودانيين وللعالم وللدجالين الذين زينوا وسوقوا لهم مقولات تحطيم دولة 56 (قال لي صديق أن بابكر فيصل يضع صورة الأزهري خلفه في مكتبه ويطالب مع الجنجويد حلفاءه بتحطيم دولة 56 !!).. اتضح بعد تجربة الحرب هذه أنه ليس هناك مشروع سياسي أو اجتماعي للجنجويد… لا ديمقراطية ولا مدنية ولا يحزنون، كل مشروعهم يهدف وينحصر في شفشفة دولة 56، ومتى ما فعلوا وتركوها خراباً ورماداً وعادوا أدراجهم إلى عتمات مجاهيل الصحاري يبحثون عن دولة أخرى ينهبون غنائمها.. وسيعودون من حيث أتوا مهما غنموا مندحرين بإذن الله، وسنصلح عوار دولة 56 وتشوهاتها (دولتنا) لتعود أجمل وأنضر.