خالدة عبدالسلام✍🏻
إنّ المراقب لأمريكا و إستراتيجيتها ، و التي مهما حاولت _ إدعاء غيرها _ يعلم تمام العلم انه لا يوجد لها أصدقاء او حتى حلفاء دائمون على المدى الطويل ، سوى تلك الدول التي تتفق معها في مشاريعها التوسعية التى تجعل من العالم فناءاً تعبث فيه كيف تشاء ، فمنذ إعلان استقلالها في العام 1776 م , لم تدخر الولايات المتحدة الأمريكية وسعاً أو جهداً للسعي وراء الهيمنة العالمية و التي بموجبها ، حاولت فرض سيطرتها و تدخلها السافر في الشئون الداخلية للدول الأخرى ، و التنمر عليها بل نهبها تحت شعار ” الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان ” فبعد حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، إتخذت الإدارات الأمريكية المتعاقبة سياسة الاحتواء التي تهدف إلى فرض هيمنتها و نفوذها و توسيع دائرة سيطرتها و لتعزيز تلك الاستراتيجية لجأت الولايات الأمريكية إلى جميع الوسائل ، التدخل العسكري في الدول ، تدميرها للاقتصاد العالمي ، محاربة الدول بدعوى مكافحة الارهاب والتحريض على الثورات الملونة ،وتخريب الحكومات واستخدام البعثات الأممية لخدمة تلك السياسات ،و الهدف الاكبر هو تأمين الهيمنة الأمريكية لا غير ..
كما إنّ الأمم المتحدة ، و من خلال بعثاتها المتعاقبة على جميع الدول تتحمل مسؤولية كاملة في العبث الذي حدث بتلك الدول ، من إستنزاف سياسي و إقتصادي و عسكري ، تلك التجارب أثبتت بما لايدع مجالاً للشك أن هذه البعثات تصنع المأساة تلو المأساة ، فهي تكمل التخطيط بدءاً من العدوان الخشن و حتى العدوان الناعم و فرض واقع الجريمة المنظمة و نهب الثروات و استباحة الأرض و فرض واقع المليشيات ..
و ها نحن نرى الآن تلك الوساطة الأمريكية الكذوبة ، و التي لاحت في الأفق منذ بداية الحرب في السودان ، مرة ” بمنبر جدة ” و الذي فشلت فيه فشلاً ذريعاً ، فلم نرَ لها تأثيراً على قيادة التمرد ، و لا رغبة في إلزامها الوفاء بمخرجات إتفاق ” منبر جدة ” و الذي عقد منذ حوالي عام ونصف ، و هاهي الآن تغير جلدها داعية لمنبر آخر ” منبر جنيف “الذي رفضته الحكومة السودانية ، فكيف لها أنّ تقبل بوجود دولة ضمن الوساطة و هي التي مولت كل هذه الحرب بدعمها اللا محدود للتمرد ، في محاولة لنفخ الروح في التمرد و جناحه السياسي ، بل و فرضه على الإرادة السودانية تارة عبر الترغيب و اخرى عبر الترهيب و ثالثة عبر الوساطة ..
فلتعلم الولايات المتحدة أن شعب السودان لن يسمح لهذه المليشيا بالعودة مرة اخرى ، إلتزاماً بالإرادة الشعبية السودانية الرافضة لوجودهم و لا تنازل عن محاكمة الشعب لهم و أخذ كامل حقوقه منهم ، و إنهاء وجودهم العسكري و السياسي ، لن نسمع لمن يكلمنا عن سلام العدوان و الباطل ، لا سلام العدل و الحقّ ، و لن نسمع لمن يحدثنا عن إنسانيّة و عدل الغرب و حقوق الإنسان التي يتبنوها عبر قوانينهم الظالمة ، يقيننا أنّ الحقوق تُنتزع من الولايات الأمريكية و ربائبها و واجهاتها و وساطتها و حلفائها و الامم المتحدة و لن تفتر عزائمنا في أوج السّعي ، و لن تتلاشى أقدامنا عند عتبة الوصول ، و لن يداهمنا اليإس في ذروة الأمل ، و لن نضيع الوجهة عند إشتداد اليقين ، أو نركن لهم أو ترهبنا تلميحاتهم ، سنكافح بكل الوسائل و الإمكانيات لتحقيق النصر و العزة، هذه أعناقنا و بنادقنا تعطي بيعتنا ، محتسبين في ذلك ..
كل ما فقدناه
كل ما خسرناه
كل ما فآت منا
(عَسَىٰ رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ)
و السلام على السودان قيادةً و شعباً حتّى مطلع كل نصرٍ نخضبّه بدمائنا الزكية ..