إسماعيل جبريل تيسو
يتملكني خجلٌ وخزيٌّ وخذلانٌ كبير وأنا أراود قلمي عن نفسه ليسطِّر ولو بضعة أحرف في أشاوس سلاح المدرعات، هؤلاء الأبطال الذين يستحقون دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية من أوسع أبوابها، قياساً على ملحمة الصمود التي سطروها قرابة عامٍ كامل وهم يصدون أكثر من ١٠٠ موجة من هجوم ضارٍ شنته ميليشيا الدعم السريع المتمردة في محاولات بائسة ويائسة لإسقاط سلاح المدرعات، الذي يمثل أهمية القلب للجسد بالنسبة للقوات المسلحة السودانية.
ودواعي خجلي وأسفي تعود إلى أنني ابن المدرعات، نشأتُ وترعرعتُ في قشلاق مدرعات الشجرة، حيث خدم والدي رحمة الله عليه في سلاح المدرعات لأكثر من ٤٠ عاماً، دخله مستجدَّاً، وخرج منه متقاعداً برتبة الملازم، وهي سنوات قضيتُ معظمها داخل أسوار سلاح المدرعات، محتفلاً بالكثير من الفعاليات والمناسبات الوطنية، وشاهداً على بعض الانقلابات العسكرية، ومشاركاً في العديد من البرامج الخاصة بالمسؤولية المجتمعية تجاه أسر وعائلات الضباط، وضباط الصف، وجنود سلاح المدرعات، وإن أنسى، لن أنسى عدداً من اللواءات الذين قادوا سلاح المدرعات، وكانت لهم مواقف داعمة ومساندة لبرامج وقضايا شباب “قشلاق المدرعات” ومن هؤلاء اللواء حمادة عبد العظيم حمادة ، واللواء حسين عبد القادر الكدرو الذي قاد انقلاباً عسكرياً ضد الإنقاذ، فأُعدم على رأس ضباط حركة الخلاص الوطني المعروفين بشهداء ٢٨رمضان١٩٩٠م.
لقد رسَّخت هذه المواقف محبةً خاصة ومشاعر جرت في دمي، توقعتُ أن تتفجر بحراً من مداد يسيل دعماً وإسناداً لسلاح المدرعات، مصنع الرجال، وعرين الأبطال، المؤسسة النابضة بالقوة والجسارة، والهيبة والبشارة، والتضحية والتفاني، والفداء والمعاني، فعذراً أشاوس المدرعات، وشكراً على الملاحم التي سطرتموها وأدهشتم بها العالم، فنلتم توقير الأعداء، قبل تقدير الأصدقاء، وسيكتب التأريخ عن فدائية سلاح المدرعات وصمود أشاوسه الذين أبادوا ما لا يقل عن ١٠٠ ألف مرتزق من ميليشيا الدعم السريع، خلاف الأسرى والمعدات الحربية التي غنموا بعضها، ودمّروا البعض الآخر.
ومثلما ارتبطت قصتي مع سلاح المدرعات بدلالات عاطفية ونفسية، فإن اهتمام ميليشيا الدعم السريع، وحرصها على إخضاع سلاح المدرعات، تنطلق من دلالة نفسية ظلت تأزِّم قائد الميليشيا المتمردة الذي رفضت قيادة سلاح المدرعات، منذ بواكيـر ثورة ديسمبر، وجوداً لقواته داخل أسوار سلاح المدرعات، حيث كانت تتوزع قوات الدعم السريع، وتنتشر داخل المؤسسات والوحدات العسكرية، بل رفضت قيادة سلاح المدرعات حتى أن يزورها أو يتفقدها قائد الدعم السريع، كما كان يفعل في الوحدات العسكرية الأخرى، وهي مواقف أسرَّها “حميدتي” في نفسه، وحاول مع اندلاع التمرد وإشعاله فتيل الحرب، أن يشفي غليله بالاستيلاء على سلاح المدرعات، وإخراج لسانه في وجه المؤسسة العسكرية، ولكن هيهات، هيهات.
حيّـوا المـدرَّع إنه متفـــاني ،،،،، قـد هزّه شــــــــوقٌ وهزّ كيـــاني
طربوا إذا سمعوا الرصاص مغنياً ،،، رقصوا مع الجنزير للألحانِ