مر أكثر من عام منذ اندلاع الحرب وانزلاق بلادنا نحو وضع مأساوي في ظل حرب لا تبقي ولا تذر وهي الحرب التي ظل الجميع يصفونها بالحرب العبثية ولا زالت تهلك الحرث والنسل وتدمر البنى التحتية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد ويزداد أوارها يوما بعد يوم.
تقع على حزب الامة القومي مسؤولية وطنية كبرى بحكم تاريخه العريق وتكوينه الوطني وتمدده على كامل تراب الوطن مما يتطلب منا أن نقوم بالدور الأساسي لمواجهة التحديات الماثلة في مقدمتها إيقاف الحرب، ولكن هذا لم يحدث لتنكب بعض قادة الحزب عن جادة الطريق بينما هم يتحملون المسؤولية من خلال المؤسسات التي هجروها منذ اندلاع الحرب العبثية ولحقوا بتكوينات هلامية دون تفويض أو سند دستوري من المؤسسات المنتخبة معتبرين أن تقدم امتداد للحرية والتغيير التي هجرها الحزب باكرا لأسباب موضوعية مع رفدها بالحلول الممكنة والتي إذا استدركتها قحت في وقتها لما قامت هذه الحرب العبثية.
لقد بذلت قيادات الحزب في المؤسسات القيادية جهودا كبيرة وتنادوا بالقاهرة في مارس الماضي لاجتماعات مهمة كان من نتائجها إعلان القاهرة الذي كان من بين قراراته ضرورة إصلاح تقدم وتم بموجب ذلك إرسال رؤية الإصلاح بواسطة ممثلين للحزب عبر المذكرة الضافية التي سلمت لرئيسها لإعادة النظر بما تضمنته من شروح حتى يستوفي شرط بناء تجمع لوقف الحرب وبناء السلام وتم الرد من تقدم لملاحظات الحزب ، ولكن للأسف ذات القيادات التي لحقت بتقدم وضعت العراقيل حول التئام مؤسسات الحزب لمناقشة الرد على المذكرة الإصلاحية لاتخاذ قرار مؤسسي بشأنها، والادهى والأمر أنهم لا زالوا ماضين في بناء جسم شمولي لتقدم لا يعرف له قاعدة.
إن ما يقوم به كل من الأمين العام ومساعد الرئيس للشؤون الاقتصادية بمباركة من الرئيس المكلف من تواصل وتصعيد لبعض الموالين لهم بعيدا عن الأطر المؤسسية الولائية والمهجرية ليس له سند تنظيمي ولا دستوري وهو مدخل لتقزيم دور الحزب وزرع الفتن والخلافات داخله وهو أمر ينبغي الوقوف عنده ورفضه إذ لا يعقل ان يذوب حزب السودان الأول في مؤسسة دعمها خارجي ومعظم قواعدها المغاضبين والمنشطرين من مؤسساتهم وأفراد من اصحاب التطلعات الشخصية، كما أنه من غير المقبول أن يكون الحزب جزء من تحالف مكون من أحزاب لا تملك بعدا شعبيا ومؤسسات مجتمع مدني مشكوك في شرعيتها، بدلا عن التحالف مع مؤسسات حزبية ذات أبعاد جماهيرية ومؤسسات مجتمع مدني تستمد شرعيتها من قواعد معلومة، وذوبان حزبنا في تحالف مع كيانات بدعة في إرثنا التاريخي ومرفوض جملة وتفصيلا وعليه فإنني انطلاقا من موقعي التنظيمي والتزامي المؤسسي والاخلاقي نصحت الحبيب رئيس الحزب المكلف شفاهة وكتابة وعبر الاجتماعات لإصلاح الوضع في إطار الالتزام الدستوري والمؤسسي ولعدم الاستجابة لم يعد أمامي إلا واجب تبرئة الذمة من توضيح هذه الأمور أن أبين لقيادات وقواعد الحزب بأن الحزب لم يقرر في مؤسساته الاستمرار مع تقدم في حضور مؤتمرها المزمع كما وأن رد تقدم للمذكرة الإصلاحية مطروح في أجندة الحزب قيد البحث ولم يتم البت فيه وعليه يصبح الحزب غير معني بأي نشاط من أنشطة تقدم ما لم يتم حسم ذلك بواسطة المؤسسات.
أما نصيحتنا التي نبذلها للسيد د. حمدوك فإنني أقول له أنه لا يزال محل احترام وتقدير من كثير من قطاعات الشعب السوداني وعليه أن يحافظ على سيرته الطيبة والا يندفع لمشروع عواره بائن وعليه التوجه لفتح الباب لمائدة مستديرة من خلال ممثلين حقيقين للقوى السياسية وأن يجمع ولا يفرق وعليه فإنني من موقع مسؤوليتي التنظيمية والقانونية رأيت التنبيه لما يحاك ضد إرادة مؤسسات الحزب وتطلعات الوطن.
والله المستعان
المستشار إسماعيل كتر عبد الكريم مساعد رئيس الحزب للشؤون القانونية والدستورية وعضو مؤسسة الرئاسة وعضو مجلس التنسيق وعضو المكتب السياسي والهيئة المركزية