شئ للوطن
م.صلاح غريبة – مصر
ازدواجية تعامل جنوب السودان وتجاهل الحقائق تجاه السودان
يشهد السودان أزمة معقدة ومتشعبة الأطراف، وقد اختارت دولة جنوب السودان، منذ اندلاعها، أن تسلك مسارًا يثير الكثير من التساؤلات حول مدى التزامها بواجبات الجوار وحرصها على استقرار المنطقة. ففي الوقت الذي تستمر فيه المعاناة الإنسانية وتتفاقم الأزمات، نجد أن جنوب السودان تتبنى مواقف تفتقر إلى الموضوعية وتتجاهل حقائق دامغة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويحول دون التوصل إلى حلول ناجعة.
منذ اللحظة الأولى للأزمة، لجأت دولة جنوب السودان إلى تضخيم ما تعرض له مواطنوها في السودان، دون أدنى إشارة إلى الجرائم والانتهاكات التي تعرض لها السودانيون الذين لجأوا إلى أراضيها. هذا الانتقاء في تسليط الضوء على جانب واحد من الحقيقة يعكس ازدواجية في المعايير، ويشير إلى محاولة لتسييس الأزمة واستغلالها لتحقيق مكاسب سياسية.
تتجاهل جنوب السودان حقيقة تاريخية وإنسانية، وهي أن أكثر من مليوني مواطن من جنوب السودان ظلوا في السودان حتى بعد الانفصال، ويحظون بأفضل معاملة ممكنة. هذا الواقع يؤكد عمق العلاقات بين الشعبين، ويشير إلى أن هناك قواسم مشتركة تتجاوز الخلافات السياسية.
لم تُدن خارجية جنوب السودان مشاركة “المرتزقة” من بلادها في القتال الدائر في السودان، ولم تتخذ أي إجراء لمنع وصولهم إلى مناطق النزاع. بل الأكثر من ذلك، أنها أقرت لأول مرة بمشاركة “مرتزقة” من بلادها في القتال إلى جانب “الميليشيا”. هذا التورط يقوض جهود الوساطة والسلام، ويشكل تهديدًا خطيرًا على استقرار المنطقة بأسرها.
إن ازدواجية التعامل التي تنتهجها دولة جنوب السودان تجاه السودان، وتجاهلها للحقائق، يثير قلقًا عميقًا بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين. فبدلًا من صب الزيت على النار، يتعين على جنوب السودان أن تتحلى بالمسؤولية وتعمل على تهدئة الأوضاع، وأن تضع مصالح الشعبين فوق أي اعتبارات أخرى.
إن استقرار السودان يصب في مصلحة جنوب السودان، والعكس صحيح. لذا، يجب على قادة جنوب السودان أن يدركوا هذه الحقيقة، وأن يتوقفوا عن تبني مواقف تزيد من حدة التوتر وتعمق الانقسام.
حان الوقت لأن تتغلب لغة العقل والحكمة على لغة المصالح الضيقة، وأن يتم التركيز على إيجاد حلول سلمية للأزمة في السودان، بما يضمن الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة.