السيد الرئيس السادة رؤساء وأعضاء الوفود الحـور الكريم
باسم شعب وحكومة السودان أهنئكم السيد الرئيس على توليكم رئاسة هذه الدورة، كما أشكر رئيس الدورة السابقة والسيد الأمين العام على جهودهم في مواجهة التحديات التي واجهت عالمنا في العام الماضي.
السيد الرئيس منذ الخامس عشر من أبريل المنصرم يواجه الشعب السوداني حرباً مدمرة شنتها عليه قوات الدعم السريع المتمردة، وتحالفت معها مليشيات قبلية وأخرى إقليمية ودولية واستجلبت مرتزقة من مختلف بقاع العالم لتمارس أبشع الجرائم في حق السودانيين.
مارست هذه المجموعات القتل والنهب والسرقة والاغتصاب والاستيلاء على منازل المواطنين وممتلكاتهم ودمرت الأعيان المدنية من مرافق للخدمات ومستشفيات ومقار الدولة ودواوين الحكومة، وحاولت طمس تاريخ وهوية الشعب السوداني، وذلك بالاعتداء على المتاحف والآثار وسجلات الأراضي والسجل المدني وسجلات المحاكم والمطارات، كذلك نهبت المصارف والبنوك والشركات العامة والخاصة وأطلقت سراح المساجين والمعتقلين الذين من ضمنهم مطلوبين للعدالة الدولية وإرهابيين.
هذه المجموعات المتمردة مارست جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في معظم بقاع السودان، فمارست التطهير العرقي وتهجير السكان من مناطقهم والعنف الجنسي والقتل على أساس العرق والتعذيب وكل ما يرقى إلي أن يوصف بأنه جرائم حرب في دارفور والخرطوم.
وما حدث بغرب دارفور في الجنينة كانت بمثابة صدمة للضمير العالمي كذلك في طويلة و مورني و منواشي وحتى في الخرطوم يمثل خير شاهد على ممارسات هذه القوات والمجموعات، التي نطالبكم السيد الرئيس والمجتمع الدولي اعتبارها مجموعات إرهابية يقف الجميع في وجهها ويحاربها لحماية الشعب السوداني والإقليم بل والعالم، حيث تسببت في مقتل الآلاف ونزوح وتشريد الملايين من الشعب الســوداني.
السيد الرئيس الحضور الكريم
رغم أن هذه القوات قد فعلت ما ذكرت إلا أننا منذ بداية هجومها على الدولة، طرقنا كل السبل من أجل إيقاف هذه الحرب فكانت الإستجابة لكل مبادرة قدمت من الأشقاء والأصدقاء فجلسنا في جدة بمبادرة من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وحققنا تقدماً جيداً لولا تعنت المتمردين ورفضهم الخروج من الأحياء السكنية وقبلنا مبادرة منظمة الإيقاد ومبادرة دول الجوار التي انعقدت في مصر.
وما زلنا حتى اليوم نمد أيادينا من أجل السلام ومن أجل إيقاف هذه الحرب ورفع المعاناة عن شعبنا، كذلك قبلنا مبادرة من الأشقاء في تركيا وجنوب السودان ويوغندا لإيجاد حلول، لكن كلها اصطدمت برفض المتمردين للحلول السلمية وإصرارهم على تدمير الدولة وإبادة وتهجير شعبها.
السـيد الرئيس هذه الحرب يصنفها البعض بأنها حرب داخلية بين طرفين مسلحين لكن الاعتداء لم يتوقف عند القوات المسلحة بل شمل كل مكونات الدولة لكني أؤكد لكم أن خطرها أصبح يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي، حيث استعان المتمردون بمجموعات خارجة عن القانون ومجموعات إرهابية من عدة دول في الإقليم والعالم مما يعتبر شرارة لانتقال الحرب إلي دول أخرى في المنطقة حول السودان لأن التدخلات الإقليمية والدولية لمساندة هذه المجموعات أصبحت ظاهرة وواضحة مما يعني بأن هذه أول الشرارة التي ستحرق الإقليم والمنطقة وتؤثر مباشرةً على الأمن الإقليمي والدولي.
السيد الرئيس الحضور الكريم
أسمحوا لي أن أشكر الجهود المقدرة التي بذلتها الأمم المتحدة برعاية الأمين العام لدعم الوضع الإنساني في السودان، كذلك نقدر جهود وكالات الأمم المتحدة المختلفة والوكالات الدولية والإقليمية الأخرى وجهود الدول الشقيقة والصديقة التي بادرت جميعها في تقديم المساعدات الإنسانية والوقوف بجانب الشعب السودان لتخفيف آثار هذه الحرب الإجرامية.
ومن جانب حكومة السودان قد تم فتح المطارات والموانئ وتسهيل حركة وعبور وتقديم المساعدات للقوافل وتذليل الصعاب التي تواجه العمل الإنساني، حيث تم تنسيق الجهود بحيث تصل المساعدات لكل المحتاجين والمتضررين.
وهنا نناشد الوكالات والدول للإيفاء بتعهداتها لسد الفجوة الكبيرة في الغذاء والدواء والإيواء لقطاعات واسعة من الشعب السوداني تضررت جراء الحرب التي يشنها متمردو الدعم السريع بقيادة أسرة دقلو.
السيد الرئيس الحضـور الكـرام:
إننا ما زلنا عند تعهداتنا السابقة بنقل السلطة إلى الشعب السوداني بتوافق عريض وتراض وطني تخرج بموجبه القوات المسلحة نهائياً من العمل السياسي ويكون تداول السلطة بالطرق الشرعية والسلمية المتمثلة في الانتخابات، حيث إننا نرى أن تكون هنالك مرحلة انتقالية قصيرة تدار فيها الدولة بحكومة مدنية من المستقلين يتم خلالها معالجة الأوضاع الراهنة الأمنية.
والاقتصادية وإعادة الأعمار تعقبها إنتخابات عامة يختار من خلالها السودانيون من يحكمهم، كما نؤكد التزام الدولة بمواصلة الحوار مع الممانعين عبد العزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور للانضمام إلى مسيرة البناء الوطني.
حيث إننا في ظل التزامنا التام باتفاقية السلام الموقعة في جوبا في العام 2020م قد قطعنا شوطاً مقدراً في إحلال السلام ومعالجة جزء كبير من معضلات بناء الدولة السودانية.
السيد الرئيس:
أؤكد التزام السودان بدعم المرأة والطفل والقطاعات الهشة لضمان تمتعهم بكافة حقوقهم وحمايتهم في ظل النزاعات القائمة حالياً مع تجديد التزام حكومة السودان بالعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد فإن وقف وتجميد المساعدات الدولية في الفترة الماضية قد أثر سلباً في تنفيذ تلك الأهداف وأثر بصورة مباشرة في توسيع فجوة الحماية الاجتماعية ومجابهة التغيرات المناخية ومواجهة أزمة الغذاء وفاقم من أوضاع النازحين واللاجئين.
وهنا نناشد المانحين ووكالات الإغاثة المختلفة بالاستمرار في دعم ومعالجة الأوضاع الإنسانية في السودان وتقديم المساعدة للمحتاجين من النازحين واللاجئين.
قبل أن أختم، أجدد التأكيد بالمطالبة بتصنيف مجموعات الدعم السريع المتمردة والمليشيات المتحالفة كمجموعات إرهابية ارتكبت كل الجرائم التي تضعها في هذا التصنيف وضرورة التعامل الحاسم مع من يدعمها فالقتل والحرق والاغتصاب والتهجير القسرى والنهب والسرقة والتعذيب ونقل الأسلحة والمخدرات واستجلاب المرتزقة وتجنيد الأطفال جرائم تستوجب المحاسبة والعقاب.
كما أؤكد أن مؤسسات الدولة الشرعية القائمة من حكومة وقـوات مسلحة وأجهزة أخرى لن تسمح بإنتهاك سـيادة الدولة أو النيل من كرامة شعبها مهما كانت الكلفة.
هنا لا بدَّ أن أذكر منظماتنا الإقليمية أن تتحرر من الوصاية وتنظر الي مصلحة الشعوب الإفريقية حتى تستعيد ثقة الأفارقة فلحلول مشاكلنا لن نستجدي أحداً ليشاركنا في حلها حسب مصالحه أو مصالح بلده.
السيد الرئيس الحضــور الكريم:
ختاماً، أشكرك السيد الرئيس، وأشكر معالي الأمين العام لتفهمهم لأوضاعنا الداخلية والوقوف بجانب الشعب السوداني ودعمه المستمر، كما أشكر دول جوار السودان وأشقاءه وأصدقاءه الذين وقفوا إلى جانبه، كذلك منظماتنا الإقليمية فشعب السودان يتقدم لكم جميعاً بالشكر على مساندته لتجاوز هذه المحنة والهجمة البربرية التي تعرض لها من مجرمي الدعم السريع الإرهابيين.
كما أنتهز هذه السانحة لنعرب عن تضامننا مع أشقائنا في المغرب وليبيا لما أصابهم من كوارث مؤخراً.
لا بدّّ لي من أن أشكر جموع الشعب السوداني التي وقفت وساندت وتحملت طيلة الأشهر الماضية كل تلك التضحيات لتخليصها من غدر المجموعات الإرهابية والمتمردة.
أشكر لكم جميعاً حسن استماعكم والســـــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته.