
في الجزء الثاني من تحقيقنا حول وجود قذائف هاون ذات منشأ أوروبي في السودان، نغوص في خفايا العقد الذي أوصل أسلحة صنعت في بلغاريا إلى ساحات القتال في السودان، وذلك على الرغم من حظر تصدير الأسلحة الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على هذا البلد. وبفضل وثائق حصرية، تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من التعرف على الشركة التي أشرفت على هذا العقد: ويتعلق الأمر بشركة إنترناشونال غولدن غروب، وهي شركة إماراتية معروفة بتطورها في عدة ملفات في نقل أسلحة إلى مناطق تخضع لحظر تصدير أسلحة.
تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس 24 بفضل وثائق حصرية تحصل عليها من تقفي أثر قذائف مدفعية بلغارية الصنع عثر عليها في السودان. وفي بادئ الأمر، تم شراء هذا الأسلحة من قبل شركة إماراتية متخصصة في التسلح تدعى إنترناشونال غولدن غروب (إي سي جي) International Golden Group (IGG) المعروفة بقيامها عدة مرات بتحويل وجهة أسلحة إلى ليبيا. ونرى في هذه الصورة مديرها، فاضل الكعبي الذي التقط صورة بمناسبة بدء شراكة مع مؤسسة سافران Safran الفرنسية. © فرانس 24 – مراقبون
في الجزء الأول من سلسلة المقالات: في يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، قام مقاتلون سودانيون بتصوير غنيمتهم: ويتعلق الأمر بقذائف هاون هاون وفق تأكيدهم إلى قوات الدعم السريع، المليشيا شبه العسكرية التي تقاتل الجيش السوداني في حرب أهلية مستمرة منذ نيسان/أبريل 2023. وتم نقل هذا الأسلحة، التي صنعت في بلغاريا إلى السودان على الرغم من حظر تصدير الأسلحة المفروض من الاتحاد الأوروبي على هذا البلد الذي تمزقه الحرب.
قذائف بلغارية في السودان
ساهمت في إعداد هذا المقال جوليا روجييه
للوهلة الأولى، لم ترغب اللجنة الوزارية لمراقبة التصدير، والهيئة البلغارية المكلفة بمنح تراخيص تصدير الأسلحة في مدنا بمزيد من المعلومات حول البلد المصدر الأول لقذائف الهاون من تصنيع شركة دوناريت Dunarit، والتي ظهرت في مقاطع فيديو التقطت في يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 في السودان. وأضافت هذه اللجنة: “التصدير تم منحه إلى حكومة بلد لا يخضع لعقوبات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتم إعلام الهيئة البلغارية المختصة بنقل هذه المنتجات وحصلت على شهادة التوصيل من قبل المستخدم النهائي لها”.
إلا أن مصدرا فضل عدم ذكر هويته، مد فريق تحرير مراقبون بنسخة من شهادة التوصيل المذكورة آنفا. وتم إصدار هذه الوثيقة في يوم 16 آب/أغسطس 2020 من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة والتي كانت مليئة بالمعلومات القيمة حول عملية التسليم. ونعلم من خلال هذه الوثيقة أن الطرف الأخير المستلم لقنابل الهاون بلغارية الصنع هو جيش الإمارات العربية المتحدة نفسه.
تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس 24 من الحصول على وثيقة مرتبطة بعملية شراء قذائف هاون من صنع بلغاريا التي عثر عليها في السودان. وتؤكد هذه الوثيقة الصادرة من الإمارات العربية المتحدة (المؤطر الأول) بأن هذا البلد الخليجي تلقى نفس هذا النوع من قذائف الهاون التي ظهرت في مقاطع الفيديو التي التقطت في السودان، ويتعلق الأمر بـ”قنابل هاون من عيار 81 مم شديدة الانفجار” (المؤطر الأخير)، إضافة إلى أنواع أخرى من القذائف. ويقول الجيش الإماراتي إنه المستخدم النهائي لهذا القذائف ويشير إلى شركتين متداخلتين في عملية التسليم شركة إماراتية، هي إنترشانول غولدن غروب بي جي إس سي “International Golden Group PJSC” (المؤطر الثاني) وأخرى بلغارية هي “آرم ـ بي جي ليميتد” “ARM-BG LTD” (المؤطر الثالث).
تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس 24 من الحصول على وثيقة مرتبطة بعملية شراء قذائف هاون من صنع بلغاريا التي عثر عليها في السودان. وتؤكد هذه الوثيقة الصادرة من الإمارات العربية المتحدة (المؤطر الأول) بأن هذا البلد الخليجي تلقى نفس هذا النوع من قذائف الهاون التي ظهرت في مقاطع الفيديو التي التقطت في السودان، ويتعلق الأمر بـ”قنابل هاون من عيار 81 مم شديدة الانفجار” (المؤطر الأخير)، إضافة إلى أنواع أخرى من القذائف. ويقول الجيش الإماراتي إنه المستخدم النهائي لهذا القذائف ويشير إلى شركتين متداخلتين في عملية التسليم شركة إماراتية، هي إنترشانول غولدن غروب بي جي إس سي “International Golden Group PJSC” (المؤطر الثاني) وأخرى بلغارية هي “آرم ـ بي جي ليميتد” “ARM-BG LTD” (المؤطر الثالث). © فرانس 24 – مراقبون
تسمح لنا هذه الوثائق بمعرفة أن كمية قذائف الهاون التي تم تسليمها كبيرة جدا. ويصل عددها إلى 15 ألف قذيفة من عيار 81 مليمتر (مثل تلك التي ظهرت في مقاطع الفيديو التي التقطت في السودان في يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024) وشملت علمية التسليم أيضا 2780 قذيفة من عيار 60 مم و30 ألف قذيفة من عيار 82 مم و11464 قذيفة من عيار 120 مم، وهو عيار شديد القوة. وتم تسليم هذه الأسلحة على دفعتين: الأولى في شهر كانون الثاني/يناير والثانية في شهر شباط/فبراير 2020. وفي المحصلة، تم ذكر هاتين الشركتين إضافة إلى القيادة العامة للجيش الإماراتي، ويتعلق الأمر بشركة تزويد وهي “آرم ـ بي جي ليميتد” “ARM-BG LTD” وشركة توريد وهي إنترشانول غولدن غروب بي جي إس سي “International Golden Group PJSC”. أما شركة دوناريت المصنعة لهذه الأسلحة فلم تتم الإشارة إليها.
وتمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من إجراء إعادة مطابقة لهذه المعلومات من خلال الاستعانة بوثيقة أخرى صادرة من مصدر ثان قادر على الاطلاع على المعلومات الصادرة من الجيش الإماراتي في إطار عملية بيع الأسلحة. وتتمثل هذه الوثيقة في المستخدم النهائي لها التي من المفترض أنها تضمن لمصنع الأسلحة وهيئة الرقابة في البلد المنشأ بأن المستخدم النهائي للأسلحة معروف بشكل واضح. كما أن هذا الأخير يقدم في معظم الحالات بدوره مجموعة من الالتزامات تشمل بالخصوص عملية إعادة تصدير الأسلحة.
وتحتوي هذه الوثيقة الصادرة أيضا عن الجيش الإماراتي الذي يعرف نفسه بأنه المستخدم النهائي، على نفس رقم العقد الموجود في الوثيقة الأولى ويشير إلى نفس شركتي التزويد والتوريد. بفضل هذه المعطيات، “من الممكن التصديق بأن هاتين الوثيقتين تتعلقان بنفس عملية التسليم” وفق تقدير نيكولاس مارش الباحث المتخصص في تصدير الأسلحة بمعهد البحوث حول السلام ومقره أوسلو في النرويج.
“المستخدم النهائي لم يعلمنا بأية عملية تصدير إضافية، لا أعلم ما الذي حدث بعد ذلك”
إلا أن هذه الوثيقة التي صدرت في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2019، تؤكد أن الجيش الإماراتي يلتزم “باستخدام الأسلحة للاحتياجات الخاصة بالقوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة” و”عدم نقلها أو إعادة تصديرها أو إعارتها أو تأجيرها إلى طرف ثالث أو إلى أي بلد دون موافقة السلطات المختصة في بلغاريا”.
وفي اتصال لفريق تحرير مراقبون فرانس24 بها لمعرفة ما إذا كانت قد منحت موافقتها هذه الأسلحة إلى السودان أو إلى جهة أخرى، أصرت اللجنة الوزارية البلغارية على أنها: “لم تقدم أي ترخيص لتصدير الأسلحة إلى دولة السودان”. من جهته، مدنا الرئيس المدير العام لشركة دوناريت البلغارية بيتار بيتروف بتفاصيل أوفى ويوضح قائلا:
“على الوثائق، نرى بلد وجهة هذه الأسلحة، ولكن أيضا الشركة [فريق التحرير: إنترناشونال غولدن غروب] إنها شركة عامة. ولم نتلق أوامر بوجود قيود على عمليات التصدير إلى الإمارات العربية المتحدة. وهذا ما قامت لجنتنا بتفحصه. ووفق القواعد المحددة، عندما يقرر المستخدم النهائي إعادة تصديرها، يجب عليها أن يعلم مسبقا كل الأطراف المتداخلة في عملية التسليم أي المصنع واللجان المختصة، كل الأطراف. في هذه الحالة، لم يقوموا بذلك، لا أعلم ما الذي حدث بعد ذلك”.
زد على ذلك أن الوثيقة الثانية تشير إلى كمية أكبر بكثير من القنابل، ويصل عددها إلى 105 آلاف قنبلة، في حين أن المعلومات المذكورة في الوثيقة الأولى تشير إلى عدد أقل قليلا من 60 ألف قنبلة. ولا يتعلق الأمر بشيء مثير للريبة وفق تقدير نيوكولاس مارش الذي يضيف: “هذا يسمح بمعرفة وجود عمليات تسليم أخرى دون ضرورة الحصول على ترخيص جديد. من الصعب بمكان معرفة سبب وجود فوارق في المعلومات المذكورة في وثيقة المستخدم النهائي ووثيقة التحقق من أن عملية التسليم تمت بالفعل [فريق التحرير: هنا، يتعلق الأمر بأكثر من 45 ألف قذيفة هاون]”.
عقد تقدر قيمته بنحو 50 مليون يورو
هنا، يشير نيكولاس مارش إلى أن الثمن الإجمالي لـنحو 105 آلاف قذيفة هاون التي ذكرت في وثيقة المستخدم قد تصل إلى 50 مليون يورو، ويردف قائلا:
“هذا النوع مع عمليات التسليم يتطابق مع ما يتطلبه عمل مجموعة مسلحة كبيرة غير حكومية، ويمكن القول بصراحة أنها كمية ضخمة على مجموعة من هذا النوع. في المقابل، في حال تعلق الأمر بدولة تعيش نزاعا مفتوحا، فإنها كمية محدودة نسبيا.”
تمكن فريق تحرير مراقبون فرانس24 من مطابقة تقديرات الخبير نيكولاس مارش لقيمة هذه الصفقة مع تقديرات مؤسسة أوميغا ريسرش فاونديشن Omega Research Foundation، وهي شبكة من باحثين متخصصين في انتهاكات حقوق الإنسان باستخدام عتاد دفاعي أو أمني.
هذا المبلغ التقديري البالغ نحو 50 مليون يورو لعملية تصدير هذه الأسلحة ليس أبدا بالرقم الهين لدولة مثل بلغاريا، ووفق المعلومات التي جمعها المركز الأوروبي المناهض لتجارة الأسلحة، فإن قيمة الصادرات البلغارية إلى الإمارات العربية المتحدة بين عامي 2015 و2020 [فريق التحرير: التقديرات الأخيرة تبدو ضئيلة جدا]، تتراوح ما بين 10 إلى 30 مليون يورو في العام.
أما في سنة 2019، العام الذي ذكر أنه عام تسليم هذه الصفقة في الوثيقتين اللتين اطلع عليهما فريق تحرير مراقبون فرانس24، فقد ارتفعت قيمة صادرات بلغاريا إلى الإمارات إلى نحو 83 مليون يورو بشكل مفاجئ. وبالتالي من المرجح بأنه 105 آلاف قذيفة هاون بلغارية إلى الإمارات يمثل أكثر من نصف قيمة مجمل الصادرات إلى هذه البلد الخليجي في هذا العام الخارق للعادة.
آرم ـ بي جي الوسيط البلغاري
وفي تصريحاتها لفريق تحرير مراقبون فرانس24، تصر اللجنة الوزارية لمراقبة التصدير في بلغاريا في عدة مناسبات بأن البلد “يحترم بشكل صارم كل الالتزامات في مجال مراقبة عمليات التصدير، ويتبع سياسة وطنية مسؤولة”.
على الرغم من ذلك، تثير طبيعة الوسطاء الضالعين في هذه الصفقة الريبة. إذ لم يتوفر سوى نزر قليل من المعلومات حول شركة آرم ـ بي جي ARM-BG، إلا أن هذه الشركة تملك في المقابل رخصة رسمية لتصدير وتوريد الأسلحة. ووفق المعلومات المتوفرة في موقع أوربيس Orbis المتخصص في هذا النوع من الملفات، فإن هذه الشركة لا تشغل سوى أربعة موظفين، ويبدو أنها حققت أكبر قدر من الأرباح في السنتين اللتين تمت فيهما صفقة بيع أسلحة شركة دوناريت إلى الإمارات العربية المتحدة. ووصل رقم معاملاتها إلى أكثر من 78 مليون دولار في سنة 2019، وثم 106 ملايين دولار في عام 2020 قبل أن ينخفض هذا الرقم بشكل كبير إلى 6 ملايين يورو في سنة 2021، وهو العام الذي دخلت فيه شركة آرم ـ بي جي في عجز كبير. وتشير نتائج معاملاتها إلى أنها سجلت في هذا العام خسائر بما يقرب من 3 ملايين يورو.
أرسين نازاريان، أحد مديري شركة آرم ـ بي جي ، يصر من جهته على قانونية هذه الصفقة التي شاركت مؤسسته فيها، ويضيف قائلا:
سلمت شركة آرم ـ بي جي طلبا إلى اللجنة الوزارية البلغارية لمراقبة الصادرات للحصول على ترخيص تصدير إلى الإمارات العربية المتحدة كمستخدم نهائي، وهي تحتوي على كل المعطيات والوثائق المطلوبة وفق التشريعات البلغارية والأوروبية السارية، إضافة إلى القواعد المحددة من قبل الأمم المتحدة.
وفي اتصال هاتفي مع فريق تحرير مراقبون فرانس24، يضيف نفس الشخص: ” نحن شركة وسيطة، ولا نقوم بعمليات التصدير أو التوريد بأنفسنا، كما أننا لا نتكفل بنقل السلع”. على الرغم ذلك، تمت الإشارة في المقابل إلى أن شركة آرم ـ بي جي على أنها “المصدر أو المزود” في الوثائق الإماراتية التي تم تسليمها إلى السلطات البلغارية.
وعند اتصال فريق تحرير مراقبون بها مرة ثانية، رفضت شركة آرم ـ بي جي تقديم المزيد من المعلومات. أما اللجنة الوزارية البلغارية لمراقبة الصادرات فأكدت من جهتها بأنها “لا تملك أي دليل على تداخل شركة آرم ـ بي ليميتد Arm BG Ltd في عملية تسليم أسلحة إلى مستخدمين نهائيين غير قانونيين أو في عملية إعادة تصدير غير شرعية”.
إنترناشونال غولدن غروب، الشركة الإماراتية المشترية متورطة في عملية تحويل وجهة الأسلحة
الشركة الأخرى التي تمت الإشارة إليها في الوثائق المتعلقة بصفقة بيع أسلحة من تصنيع شركة دوناريت البلغارية هي شركة إنترناشونال غولدن غروب (إي سي جي) International Golden Group (IGG). وتم الإشارة إلى هذه الشركة على أنها “الطرف المورد” للأسلحة إلى الإمارات العربية المتحدة. هيلين كلوزه، هي باحثة متخصصة في قطاع التسلح في مؤسسة أوميغا ريسرتش غروب، تمكنت من جمع معلومات حول هذه الشركة خلال نشاطها في سوق التسلح بالإمارات العربية المتحدة، توضح قائلة:
تم تأسيس شركة إنترناشونال غولدن غروب في سنة 2002. ونعتقد بأن الشركة كانت في تلك الفترة خاصة أو شبه خاصة، إلا أنها كانت مرتبطة من دون شك بعلاقات مع الحكومة الإماراتية. وفي سنة 2017، قدمت هذه الشركة نفسها على أنها المزود الأول للقوات المسلحة ووزارة الداخلية الإماراتية.
لا يخضع بيع الأسلحة الأوروبية إلى الإمارات العربية المتحدة لأية عقوبات أو حظر. إلا أن شركة إنترناشونال غولدن غروب ليست شركة غير معروفة في هذا البلد الخليجي: بالإضافة إلى تزويدها الجيش الإماراتي، تعرف هذه الشركة بممارساتها في تحويل وجهة الأسلحة إلى مناطق النزاع، وفق تأكيد عدد كبير من المتخصصين في الميدان لفريق تحرير مراقبون فرانس24. توني فورتن، المكلف بجمع المعلومات حول بيع الأسلحة والشركات المتخصصة في المجال، يعلق قائلا في هذا السياق:
تملك شركة إنترناشونال غولدن غروب سمعة سيئة جدا، إنها معروفة وسط مصنعي الأسلحة. لدى هذه الشركة سمعة بأنها تعمل بما يشبه دولة داخل الدولة الإماراتية، من خلال السماح لها بالتصرف في تدفق الأسلحة بطريقة غامضة.
ونجد أثرا لأنشطتها المزعزعة للاستقرار في تقارير مجمع الخبراء التابع للأمم المتحدة حول ليبيا، وهو البلد الذي يخضع لحظر شامل لتصدير الأسلحة من قبل مجلس الأمن التابع للمنظمة الأممية والذي تم إقراره في سنة 2011.
في كل سنة، يسلم مجمع الخبراء المذكور تقريرا حول الوضع في ليبيا، يحاول من خلاله بالخصوص تحديد الدول والشركات والأشخاص المتورطين في انتهاك هذا الحظر. ومنذ عام 2013، تم التأكد من أن هذه الشركة هي فاعل رئيس في نقل مئات الآلاف من الرصاصات ألبانية الصنع إلى بنغازي في شرق ليبيا. ويؤكد تقرير المجمع الأممي بأن “شركة إنترناشونال غولدن غروب كانت الطرف الممثل للقوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة خلال المفاوضات”.
أما تقرير نفس الخبراء لسنة 2016، الذي تحدث هذه المرة على حالات توريد صواريخ بلغارية إلى ليبيا، فيؤكد بأن الخبراء “طلبوا من بلغاريا تتبع وجهة (هذه الصواريخ)” و”أعلمت السلطات البلغارية مجمع الخبراء الأممي بأن شركة إنترناشونال غولدن غروب هي الشركة التي قامت بتوريد هذه الأسلحة وأكدت بأن المستخدم النهائي لها هي القوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة”.
وهو ما يعني بأن السلطات البلغارية كانت على علم منذ سنة 2016 على الأقل، أي قبل ثلاث سنوات من إرسال الإمارات العربية المتحدة وثائق تطلب منها تمكينها من شراء قذائف هاون من شركة دوناريت، بأن الأسلحة التي يتم بيعها إلى شركة إنترناشونال غولدن غروب على أنها لصالح الجيش الإماراتي يمكن أن يتم تحويل وجهتها.
هنا، يعود الخبير نيكولاس مارش ليعلق قائلا: “من المفترض أنه في مثل هذه الحالات، عندما تتلقى بلغاريا معلومات، يجب أن تقوم بمشاركتها مع باقي الحكومات الأوروبية” ويضيف قائلا:
ابتداء من تلك اللحظة، يجب على السلطات البلغارية عدم تقديم تراخيص تصدير أسلحة جديدة لصالح شركة إنترناشونال غولدن غروب، كما يجب عليها أيضا بالخصوص أن تتوخى الحذر الشديد في كل ما يتعلق بعمليات تصدير إلى الإمارات العربية المتحدة بشكل عام. ولكن مع الأسف، لم تسر الأمور في الواقع بهذه الطريقة.
وفي سؤال عما إذا كانت تعلم في السابق بحالات كثيرة لتحويل وجهة أسلحة من قبل شركة إنترناشونال غروب والتي وثقها مجمع الخبراء حول ليبيا التابع للأمم المتحدة، عند منحها ترخيص صفقة تصدير الأسلحة إلى الإمارات في سنة 2019، لم تجب اللجنة الوزارية البلغارية لمراقبة الصادرات على طلب الاستفسارات من فريق تحرير مراقبون فرانس24.
ولا يملك فريق تحرير مراقبون فرانس24 معطيات تسمح له بتقفي أثر الجزء الأخير من رحلة الذخائر بلغارية الصنع في اتجاه السودان، ومعرفة ما إذا كانت هذه الدفعة قد تم نقلها من قبل شركة إنترناشونال غولدن غروب في اتجاه منطقة شرق ليبيا الخاضعة لسيطرة المشير خليفة حفتر. وفي أسئلة بهذا الصدد، لم تجب اللجنة الوزارية البلغارية لمراقبة الصادرات أو شركة إنترناشونال غولدن غروب على طلباتنا للتوضيح.
ولكن للحصول على مزيد من التفاصيل، لدينا طريقة أخرى تتمثل في تقفي أثر الرجال الذين رافقوا موكب الذخائر البلغارية إلى السودان، والذين ظهرت وثائق هوياتهم في مقاطع الفيديو التي التقطها مقاتلون سودانيون في يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.