- صدق زميلي وصديقي عادل الباز عندما أطلق في لحظة إلهام وتجلٍ نادرة لقب (الكاشفة) على الحرب الحالية، فبمثلما مايزت المواقف بين فرسان وطنيين أصحاب وجعة؛ وعملاء باعوا نفوسهم وبلادهم للشيطان، فقد قدمت لنا أسماء جديدة في حياتنا، لم تكن معروفةً ولا صيت لها قبل أن يحل بنا الكرب، بكريهةٍ أهلكت الحرث والنسل.
- كشفت لنا الحرب ركاماً من القاذورات، وأماطت اللثام عن خونةٍ لئام، يجاهرون بعمالتهم، ويتباهون بخيابتهم، ويديرون ظهورهم النتنة لأهلهم المنكوبين، ويتاجرون بآلامهم ومآسيهم وأوجاعهم، ثم يدعون الحياد زوراً، وهم يُظاهرون في حقيقة أمرهم بغاةً مجرمين، لم يغادروا جريمةً إلا ارتكبوها.
- بالمثل كشفت لنا الحرب درراً نفيسةً، وقدمت لنا أسماءً جديدة في حياتنا، دخلت قلوب أهل السودان بلا استئذان، أعدُّ منها ولا أعددها، وليعذرني قرائي إن أسقطت الذاكرة اسماً لشهيد أو بطل جديد، حمل روحه على كفه وجاد بنفسه دفاعاً عن الوطن الحبيب.
- عرفنا فيها وأحببنا شهيد الشعب (أيوب)، وقد جمعتني به مودةً جعلتنا نتواصل كل صباح حباً في الله والوطن، قبل أن يجود بروحه فداءً لأرضه وأهله.. وعرفنا قبله رفيقه عثمان مكاوي الذي بكاه أهل السودان بدموع الدم، ودفنوه في القلوب وخلدوه في الوجدان.
- عرفنا فيها شهداء أحياء فأحببناهم وصرنا نتقصى أخبارهم.. ومنهم العابد الساجد الفقيه المجاهد المجالد أحمد الشاكر، ورفيقا دربه سر الختم والكردفاني.. ومعهم خبرنا وأحببنا فرحات ود العمدة (ولكل امرئٍ من اسمه نصيب)، وعرفنا أسوداً بقيمة جودات ودرموت وعرديب وهيثم الخلا وصادق ود أم دُر ولقمان وممدوح محمد أمين ومحمد الفضل وياسر فضل الله وجعفر الطاهر.. وما أدراك ما ياسر وجعفر!
- عرفنا وأحببنا عرديب وقرنا الاسم بالنصر في أم دُر الحبيبة (كما يسميها أسد كرري ياسر العطا)، وعرفنا وأحببنا شهداء الحرس الرئاسي الذين فدوا وطنهم وبرهانهم بدمائهم وأرواحهم (أحمد النور الإمام ورفاقه الأبطال)، وعرفنا خلال الحرب أسد الدروع نصر الدين عبد الفتاح وعمر باشري والصول أشرف وفريد يوسف ومحمد الفضل ومحمد عبد العزيز والمبارك محمد المبارك وعبد الله مصطفى وعبد الحليم جاد الله باسبار وأحمد الشيخ أبو شلوق وأسد المهندسين الظافر، ونمر البقعة أنور الزبير.. وعرفنا اللبيب وصحبه وأحببناهم ورددنا معهم هتافهم الجميل (أمن يا جِن)، وعرفنا معهم دفعة الشهداء (43) التي قدمت حتى اللحظة (17) شهيداً برتبة عميد، وذلك لم يحدث حتى في حرب الجنوب التي عمَّرت نصف قرن!
- قضى بعضهم نحبه ومضوا إلى ربهم آمنين مطمئنين. شهداء بإذن الله مستقرهم جنة الرضوان، بعد أن خلدوا رسومهم وأسماءهم في وجدان شعب السودان الحر، ومنهم حراس الثغور ورفاق الخنادق.. القابضون على الزناد وجمر القضية (وما بدلوا تبديلا).. لهم المحبة كلها ولكل قادة وضباط وضباط صف وجنود قواتنا المسلحة الباسلة العصية على الانكسار.. (من القائد الجسور برهان وحتى أصغر ديدبان).. ورفاقهم في القوات النظامية الأخرى وجموع المستنفرين والمجاهدين حماهم الله وأبقاهم ذخراً للوطن وسيفاً صقيلاً مسلطاً على رقاب العِدا.
- (جنود الجيش يا سعاد نفخر بيهم).. حماة الأرض والعرض.. رجال الحارة.. لزَّامين التقيلة.. دراجين العاطلة.. أخوان البنات العلموا الجبل الثبات.. (وروهم العدو وأقعدوا فراجة).. (كلينق مباريهم يفتش الرِمَّة).. وما أكثر الرِمم التي أفرزتها معركة الكرامة!!
1٬221 2 دقائق