تواجه الخرطوم بحري انقطاعاً تاماً في إمدادات الأدوية منذ حوالي عام ونصف، مما أدى إلى انتشار الأمراض المرتبطة بسوء التغذية والتلوث البيئي، إلى جانب نقص المواد الغذائية الأساسية.
أعلنت غرفة طوارئ بحري في ولاية الخرطوم عن تصاعد الوضع الصحي في المدينة وبلوغه مستويات عالية من الانهيار، وذلك بسبب عدم توفر المؤسسات الصحية الحكومية لتقديم خدماتها في المناطق المحاصرة.
أفادت طوارئ بحري في بيان صحفي أن المدينة تعاني من انقطاع كامل في سلسلة إمدادات الأدوية منذ حوالي عام ونصف، مما ساهم في انتشار الأمراض المتعلقة بسوء التغذية والتلوث البيئي، فضلاً عن نقص المواد الغذائية الأساسية.
وذكر في التعميم أن مدينة بحري تعاني من انتشار كبير لأمراض مثل الإسهال المائي الحاد والكوليرا، إلى جانب تزايد حالات التيفوئيد والملاريا، وأمراض أخرى لم تُحدد بعد بسبب نقص أدوات الفحص وتوقف المستشفيات.
وأفادت طوارئ بحري أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها الأطباء المتواجدون في المدينة وتلك التي يتم تقديمها عبر الهاتف والإنترنت، فإن نقص الكوادر الصحية المتخصصة يزيد من تفاقم الأزمة.
وأضافت أن النساء في المدينة يعانين بشكل خاص بسبب غياب كامل للإمدادات الأساسية، مثل الفوط الصحية لفترات طويلة، مما يتسبب في إصابتهن بالالتهابات الخطيرة التي قد تؤثر على قدرتهن الإنجابية وتؤدي أحياناً إلى حالات وفاة.
تعاني النساء الحوامل أيضًا من نقص الرعاية الصحية اللازمة، حيث زادت حالات وفاة الأجنة بسبب غياب المتابعات الطبية، وافتقار الأمهات لمعرفة الوضع الصحي للجنين، مما يؤدي إلى حدوث حالات تسمم خطيرة قد تكون قاتلة.
تشير إلى أن نقص فيتامينات الحمل والتطعيمات اللازمة أدى إلى ظهور حالات تشوهات جنينية وإجهاض متكرر، مما يعرض حياة الأمهات للخطر المستمر.
وأشارت إلى أن الأوضاع المتعلقة بمضاعفات الولادة أصبحت مروعة بسبب نقص المستشفيات، وعدم توفر الحقن اللازمة لفصائل الدم.
في نفس الوقت، يعاني الرضع من نقص في التغذية المناسبة بسبب عدم قدرة الأمهات المرضعات على الحصول على العناصر الغذائية الضرورية.
غياب الحليب الصناعي (الفورمولا) وعدم وجود مصادر دخل كافية لشراء الحليب المطلوب للرضع يزيد من تفاقم الوضع، مما يؤثر سلبًا على احتمالات وفاة الرضع بسبب سوء التغذية.
أشارت طوارئ بحري إلى أن نقص التطعيمات الأساسية للأطفال، مثل لقاحات الحصبة والسل وأمراض أخرى، قد تسبب في زيادة حالات الإصابة بهذه الأمراض الخطيرة في المدينة، مما يعرض حياة الآلاف من الأطفال للخطر.
وأوضحت أن انتشار الأمراض الناتجة عن سوء التغذية لدى الأطفال المحاصرين، والتدهور المستمر في الحالة الصحية، يزيد من احتمالات انتشار أمراض خطيرة أخرى مثل السل والحصبة، مما يسبب زيادة في عدد الوفيات ويعزز حجم الكارثة الإنسانية.
أفادت غرفة الطوارئ أن حجم الأزمة الصحية والإنسانية في المدينة وصل إلى مستويات لم يسبق لها مثيل.
تشير إلى أنه في ظل عدم وجود أي زيارة أو متابعة من المسؤولين والعاملين في الأمم المتحدة للمدينة منذ اندلاع الصراع في السودان في أبريل الماضي، فإن هذا التجاهل المستمر للوضع المتأزم يحمّل الأمم المتحدة المسؤولية المباشرة، حيث تمثل توافق المجتمع الدولي في القضايا الإنسانية.
أوضحت أن عدم وجود استجابة مناسبة لهذه الأزمة يحمّل المسؤولية لكل من له علاقة بتقديم المساعدة الإنسانية، حيث تم تقييم حجم الكارثة مسبقاً وتم توجيه تحذيرات بشأنها.
وأضافت: إن المجاعة تقترب الآن من تهديد حياة السودانيين بشكل أكبر من أي وقت مضى، حيث أصبح الوضع في السودان واحدًا من أكبر التهديدات الإنسانية على مستوى العالم.
إن عدم التفاعل مع هذه الأزمة يجعل الجوع يهدد السودانيين أكثر من أي شعب آخر في العالم.
وأكدت الغرفة على أهمية وضع طرق آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية ضمن جدول أعمال النقاشات لجميع الأطراف المعنية بالشأن السوداني.
تشير إلى أن هذا الموضوع ينبغي أن يكون في صدارة الأولويات في جميع المناقشات والقرارات الخاصة بالسودان، مع أهمية إشراك المبادرات المحلية في عمليات التوزيع وتقييم حجم المساعدات بطريقة تتناسب مع واقع العمل في السودان في ظل هذه الظروف المعقدة.
أكدت الغرفة أن هناك زيادة ملحوظة في عدد الوفيات نتيجة لهذه الظروف المأساوية.
أعلنت عن عدم قدرتها التامة على تلبية الاحتياجات المتزايدة والضرورية نتيجة لنقص التمويل الكافي المخصص للقطاع الصحي من المانحين المتعاونين مع الغرفة.
طالبت غرفة طوارئ بحري جميع المنظمات الدولية التي تعمل في مجال الصحة، بالإضافة إلى تلك المعنية بالمجالات الإنسانية الأخرى، بالتدخل السريع والفوري.
ندعو جميع الأطراف المعنية في النزاع والجهات الحكومية ذات الصلة إلى تقديم الدعم والمساعدة الضرورية للغرفة للتعامل بشكل سريع مع هذه الأزمة الإنسانية.
كما دعت السيد مدير منظمة الصحة العالمية المتواجد حالياً في السودان، والأمم المتحدة والجهات التابعة لها، إلى التدخل العاجل والتواصل المباشر مع غرفة طوارئ بحري للحد من تفاقم هذه الكارثة، والسعي لإنقاذ حياة الآلاف من المواطنين الذين يعانون جراء هذه الأزمة.