حدود المنطق
إسماعيل جبريل تيسو
من الصور التي انطبعت في أذهان السودانيين، وحفرت عميقاً في عقولهم، رؤية رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ملتحماً مع الجماهير وملتصقاً بالمواطنين في الشوارع والأزقة والأماكن العامة، يتبادل معهم القفشات، ويشاركهم الضحكات، يستمع إلى أحاديثهم، ويصغي إلى أرائهم ورؤاهم، وينصت إلى مطالبهم، بل ويجلس القرفصاء ليتناول معهم الطعام، ويرتشف فنجاناً من القهوة، أو كوباً من شاي اللبن ” المقنن” مع قطعٍ من الزلابية.
تحدث هذه الصور والمشاهد تحت سحب البارود، في بلد يعيش ذروة حربٍ كؤود، أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع، بتمردها منتصف أبريل من العام الماضي ٢٠٢٣م، حيث كان التمرد يستهدف الانقلاب على رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، أي أن الميليشيا المتمردة أرادت البرهان نفسه، ومع ذلك يخرج الرجل كاشف الصدر من غير سترة واقية من الرصاص، ويتجول في أم درمان، وفي غيرها من مدن السودان، بثقة وشجاعة نادرة، لا يُرعبه صوت قذائف المتمردين، ولا يخشى غـدر المندسين، ولا خيانة العملاء من الطابور الخامس، والمرتزقة والمارقين.
قطعاً حصد رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بالتحامه مع الجماهير، الكثير من المحبة والتقدير، ذلك أن هذه الصور المعبرة، والمشاهد المؤثرة، واللافتة للانتباه، والمثيرة لكوامن الشجن وعواطف الإعجاب، تشكل عناصر مهمة ومطلوبة في شخصية القائد الذكي، صاحب الكاريزما الملهمة لأنصاره وأتباعه ومؤيديه، فقد استطاع البرهان بهذه المواقف أن يخلق جسوراً من الثقة والمصداقية، ويحفّز المواطنين بطاقة إيجابية، ترفع من روحهم المعنوية، وتغرس داخلهم شعوراً بالأمان والاطمئنان، فيزداد فيهم الشغف، باقتراب الجيش من تحقيق الهدف.
لقد ضرب رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أكثر من عصفور بحجر واحد، وهو يلتحم مع الجماهير، سواءً في أم درمان أو في غيرها من مدن السودان، فبجانب التطمينات التي أرسلها للمواطنين، بأن الجيش سيمضي بمعركة الكرامة الوطنية إلى غاياتها المنطقية، فقد أخرج البرهان لسانه إلى قائد ميليشيا الدعم السريع، الذي كان يتهم قائد الجيش بالجبن والاختفاء في البدرون، وعدم القـدرة على الخروج والمواجهة، ليحدث العكس تماماً، فيكون البرهان متجولاً في الميدان، فيما يسافر دقلو بين المطارات، ويبحث في رُدهات القصور وخلف أبواب القاعات، مستجدياً الأصدقاء والحلفاء، طمعاً في وساطاتٍ وأجاويد، تحقق الخروج الآمن، لمن تبقَّى من ميليشيا الجنجويد.